ليس بغريب على خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، هذا البعد الإنساني في شخصيته الكريمة، وليس مفاجئاً أن يوافق -أعزه الله- على تنظيم «هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة»، فإن ذلك لا شك امتداد للعناية والاهتمام بالمواطنين والمواطنات بشكل عام، والأشخاص ذوي الإعاقة بصفة خاصة، وهو أمر محوري في سلم أولوياته -حفظه الله- ويؤكد أن هذه الدولة التي ترعى مصالح واحتياجات أبنائها من كل الفئات، هي دولة تسير في طريقها الصحيح، نحو آفاق من التنمية المستدامة، ووفق منهجية علمية وإنسانية تهدف إلى بناء اقتصاد وطني، من أفكار وجهود أبنائه، ومؤسس على تراث حضاري وثقافي كان، ومازال، الإنسان ذا مكانة مرموقة في القلب منه. وحقيقة أن «هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة» جزء لا يتجزأ مما تشهده المملكة من نهوض وتقدم في كل المجالات، وأن كل المتغيرات التي تشهدها على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، ذات ارتباط وثيق برؤية المملكة 2030 ومهندسها وعرابها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -يحفظه الله-، وأن هذه الهيئة هي إحدى نتائج سياسات مدروسة تتلمس الواقع، وتتماس معه بالمستوى الذي يلبي احتياجات ومطالب المواطنين، على كافة الأصعدة، بما يؤدي إلى نهضة شاملة في المجتمع، والدولة. ونظراً للأهمية الكبيرة لهذا الكيان المؤسسي الجديد، الذي من المتوقع منه أن يجمع العديد من الجهات ذات العلاقة، فإنه أيضا في حاجة إلى إستراتيجية شاملة، تعتبر من خلالها قضية الأشخاص ذوي الإعاقة، قضية المجتمع بأسره، وليس فقط قضية ذوي الإعاقة وأسرهم فقط، حيث إن هذا المحور هو القاعدة المحورية في أي عمل تجاه هذه القضية، التي يجب أن تنطلق منها هذه الإستراتيجية، وفق خطط ملائمة لتفعيلها لدى مختلف قطاعات الدولة وكل أفراد المجتمع.. وأعتقد أن هذه القاعدة هي كلمة السر في نجاح الهيئة الجديدة في مهامها.. ولكن كيف؟ ومن المؤكد أن معالي وزير العمل والتنمية الاجتماعية رئيس مجلس إدارة «هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة» الدكتور علي بن ناصر الغفيص، ملم بكل احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة حيث إن الدولة، ممثلة في جهات كثيرة لم تتوقف يوماً، في خدمة كل أصحاب الاحتياجات الخاصة، سواء من خلال وزارة الداخلية، أو وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، أو وزارة الصحة.. بالإضافة بالطبع إلى الجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية، وفي مقدمتها جمعية الأطفال المعوقين ومركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة.. قدموا خدمات واسعة ومتنوعة للمعوقين وغيرهم الكثير، ورغم ذلك ظلت الحاجة لتقديم المزيد من المساندات المالية والعينية والمعنوية، وكان دائما هناك شعور عام بالقصور تجاه أصحاب الاحتياجات الخاصة، وذلك لغياب رؤية واضحة لتوجهات وأهداف هذه القطاعات التي تخدمهم حيث الكثير من الخدمات تقدم منفردة، وعبر مؤسسات كثيرة، تتداخل فيها المهام، وتختلط فيها الفئات المستهدفة.. يضاف إلى ذلك التنازع في الاختصاصات، والتصارع في الحصول على الدعم بكل أشكاله.. وهذه الحالة أوجدت الضرورة وجود الهيئة لدمج كل ذلك في كيان مؤسسي يجعل من أولوياته أن تكون قضية الإعاقة والمعوقين هي قضية المجتمع بأسره وليس مجرد مشكلة مجموعة أفراد، أو بعض الأسر، يحتاجون للعون والمساعدة.. وهذا يتطلب أن يكون الإعلام شريكاً أساسياً في هذه المنظومة الجديدة، لتأسيس خطاب إعلامي حديث ومتطور في مسألة دمج المجتمع مع الأشخاص ذوي الإعاقة وليس العكس! Kmarghlani@