ظل الموقف السعودي من القضية الفلسطينية يشكل أحد الثوابت الرئيسية لسياسة المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز، بدءا من مؤتمر المائدة المستديرة في لندن عام 1935، الذي خصص لمناقشة القضية الفلسطينية، وإلى عهدنا الحالي بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. وفي هذا الإطار جاء الاتصال الهاتفي الذي أجراه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، مجددا التأكيد على مواقف المملكة الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة، وعاصمتها القدس، ومواصلة الجهود لإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة. وقدمت المملكة كل أشكال الدعم والمساندة للقضية الفلسطينية في مختلف مراحلها وعلى جميع الأصعدة؛ سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، من منطلق إيمانها الصادق بأن ما تقوم به من جهود تجاه القضية الفلسطينية إنما هو واجب يمليه عليها عقيدتها وضميرها وانتماؤها لأمتها العربية والإسلامية. ويقوم النهج السعودي تجاه قضية فلسطين على محاور عدة؛ أبرزها الإيمان ببعد القضية العربي والإسلامي والدولي، والتركيز على الحلول والتفاهمات المشتركة مع القوى العربية والدولية للوصول إلى حل عادل ودائم لها. وظلت تؤكد على أن العنصر الفلسطيني هو العنصر الرئيس في المواجهة مع تزويده بالحد الأقصى من الدعم المطلوب، وهو ما تجسد في السياسة السعودية تجاه القضية الفلسطينية، حيث تبنت مبدأ عدم التدخل في شؤون القيادة الفلسطينية ودعمها في ما تصل إليه من قرارات ومواقف مع ضمان مراعاتها للبعد الإسلامي لمسألة القدس، فمنذ وقوع حادثة إحراق المسجد الأقصى سعت المملكة إلى إبراز البعد الإسلامي للقضية، إضافة إلى بعديها الفلسطيني والعربي، وهو ما أضاف لها أسس قوة وعناصر دعم جديدة لم تكن متوافرة في السابق. وانطلاقا من أهميتها الاقتصادية والإستراتيجية عالميا سعت المملكة إلى لعب دور دولي كبير لدعم القضية الفلسطينية، عبر التداخل مع رؤساء الولاياتالمتحدة، والتأثير خلال اجتماعات الأممالمتحدة لضمان حقوق الفلسطينيين، ونصرة قضيتهم. وواصلت السعودية الوفاء بالتزاماتها لمنظمة التحرير الفلسطينية ولدول المواجهة العربية، وذلك على المستويين الرسمي والشعبي. ورغم التأكيد السعودي الصريح بأن العنصر الفلسطيني هو الذي يجب أن يدير المواجهة بنفسه، إلا أن أبناء المملكة جادوا بأنفسهم وأرواحهم في مواجهات مباشرة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في حرب فلسطين عام 1948 لنصرة فلسطين. ولم تتوقف مساعي المملكة الدائبة من أجل حل القضية الفلسطينية عبر كل الأصعدة، ومن أبرز ذلك تقديمها لمبادرات سلام تسعى لرأب الصدع، وتضمن حقوق الفلسطينيين، كان من أبرزها مشروع للسلام تبناه وأقره مؤتمر القمة العربية ال12، الذي عقد في مدينة فاس المغربية عام 1982، وتصور للتسوية الشاملة العادلة للقضية الفلسطينية من 8 مبادئ، قُدم لمؤتمر القمة العربية في بيروت عام 2002. كما اقترح في المؤتمر العربي الذي عقد بالقاهرة في أكتوبر 2000 إنشاء صندوق «انتفاضة القدس» برأس مال قدره 200 مليون دولار للإنفاق على أسر شهداء الانتفاضة، وإنشاء صندوق آخر يحمل اسم صندوق الأقصى خُصص له 800 مليون دولار لتمويل مشاريع تحافظ على الهوية العربية والإسلامية للقدس المحتلة والحيلولة دون طمسها. وعلى مدى السنوات الماضية ظلت المملكة تعمل بصمت ودون ضجيج إعلامي، وتواصل دعمها للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وفي هذا الصدد يقول الملك سلمان بن عبدالعزيز «يجب ألا تشغلنا الأحداث الجسيمة التي تمر بها منطقتنا العربية عن تأكيدنا للعالم على مركزية القضية الفلسطينية لأمتنا، والسعي لإيجاد حل لها على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية». وتؤكد المملكة دوما أهمية تحقيق السلام العادل والشامل للقضية الفلسطينية وفقاً لمضامين مبادرة السلام العربية ورؤية حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وأنه لا يمكن تحقيق السلام إلا بقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس.