يقف على مقربة من الميكرفون، وكرسيّه شاغر إلا منه. الشاعر الذي طوى الشعر على ذراعه مثل بشت، وقطع لسان الأيام بين أسنانها. يذهب الشعراء إلى كراسيّهم، وهو يعض على إصبعه، في انتظار قصيدة لا تبوح بسرها إلا له. كان يقطفها من شجرة بعيدة، فيما ينظم الآخرون قصائد تشبه الكراسي التي يجلسون عليها. تآمروا عليه مرارا، ولكنه كان واثقًا من الليل الذي يقف في صف الخارجين عليه. الثائر الذي شقّ بشعره السيول القادمة من جبال السراة، قبل أن تتحول إلى بحيرة في السدّ الكبير. شاعر النخل والتمر والقهوة «المُهيّلة»، التي كان يحمصها على الجمر، ثم يقدمها إليهم في الدِّلال. قدّمها إليهم مع شيء من القصائد، التي كانت تفوح برائحة الإقط والسمن البري. قدمها إليهم مع بيت كان يذكّرهم بالسدّ والأشجار النابتة على ضفافه: «إنْ كان مِتنا ما مَليتُم كراسينا... وإنْ كان عِشنا فالملكْ دون كرسيّهْ». * شاعر سعودي