تواجه الجهود البيئية في المملكة، تحديات عدة، منها قلة عدد العاملين في مجال البيئة، إذ يعمل حاليا في وظائف رسمية قرابة 250 موظفا مختصا في المجال البيئي وأضيف لهم عشرات مع تأسيس الوزارة، وبدمج الوظائف المساعدة وتأهيل بعض التخصصات، فلن يصل مجموع العاملين الرسميين في مجال البيئة إلى 2000 موظف، في المقابل تزيد المواقع المحتملة للتلوث على 50 ألف موقع أو نقطة يجب مراقبتها والتفتيش عليها دوريا، لضمان عملها وفق المقاييس والمعايير والضوابط البيئية، ومن الصعب توظيف عدد ضخم من المفتشين البيئيين لتغطية هذا الاحتياج الملح للمراقبة المستمرة الفاعلة، لذا أرى أن الحلول العملية المتاحة والجاهزة للتنفيذ هي بيانات رقمية وصور الأقمار الصناعية عالية الدقة، ونواتج الاستشعار عن بعد، وذلك عقب تحليل بياناتها وتدقيقها من قبل مختصي البيئة في مراكز عالمية للأقمار الصناعية، فالاستشعار عن بُعد يلعب دوراً مهماً في دراسة الكرة الأرضية وبيان التغيرات التي تظهر على سطحها، ومكافحة التلوث بشتى أشكاله، ويساعد الاستشعار عن بُعد على دراسة، تلوث الجو والهواء، وتلوث المياه، وتأثير المصانع على البيئة، وتأثير النفايات في تلوث البيئة، وإعداد خرائط خاصة بالمناطق المحمية. إن المراقبة الدورية للبيئة الطبيعية من ارتفاعات مختلفة، يعني إتاحة المجال أمامنا للحصول على نتائج مستمرة تمكننا مراقبة وتقييم أي تلوث ومن وضع الدراسات الصحيحة، وكذلك الحلول الناجعة، ويشمل جميع بؤر التلوث المحتملة بلا استثناء ومراقبة مستمرة ودائمة، كما أنها ذات تكلفة اقتصادية تغني عن توظيف فريق من المراقبين، إضافة أن جودة ودقة المعلومات عن المواقع تصدر آليا دون تزييف أو تعديل ما يعطيها الموثوقية والاعتمادية، وأيضا لا تتطلب بنية تحتية أو تجهيزات وتحتاج فقط الاشتراك مع مركز عالمي في تحليل صور الأقمار الصناعية من المراكز الأوروبية أو الأمريكية أو حتى مراكز الشرق الأدنى المتطورة. وأثبتت هذه التقنية فعاليتها وجودتها في تجارب وطنية سابقة، ويجب إشراك المواطنين في العمل الرقابي لحالة التلوث البيئي عبر منح كل مَن يبلغ عن حالات تلوث بيئي مكافأة بنسبة مئوية من قيمة الغرامة على المخالفة البيئية المضبوطة، ما يخلق روح المنافسة لضبط مخالفات التلوث البيئي ويؤدي ذلك للحد من التجاوزات والأضرار البيئية. وتعاني الدراسات الاستشارية عن البيئة من صعوبة في تطبيقها، والسبب في ذلك أن الشركات الاستشارية في المملكة تتصف بمشكلتين رئيستين، أولاهما أن غالبيتها تعتمد على موظفين عرب ولا تمثيل لأي من المختصين الغربيين أو الشرقيين وخصوصا الذين يملكون المعرفة والتقنية العالية، ولا أقلل هنا من قدرات إخواننا العرب ولكن جميع الدول العربية بلا استثناء تعاني من مشاكل بيئية كبيرة، فلا يمكن أن يقدموا ما لا يمتلكونه، كما أن الاستشارات المقدمة ذات طابع تنظيري لا يرتبط بالواقع على الأرض فتأتي هذه الدراسات كأنها أحلام في مدينة أفلاطون المثالية. والحل يكمن في استعانة جهاز البيئة بخبراء متخصصين في أحسن مركز بيئي ناجح وبارز، ليقدموا توصيات لتطوير أعمال ونشاطات البيئة من واقع خبرتهم في إنجاح جهاتهم ومن واقع عملهم اليومي في بلدانهم. ويطمح المجتمع إلى جهاز بيئي يحقق الكثير من الجهود في نشر المعلومات الرقمية (غير السرية) لنتائج المراقبة البيئية لجودة الهواء وجودة المياه وجودة التربة، وذلك الأمر يعتبر تغيرا جذريا ونجاحا لجهاز البيئة، ومن الصعب تغيير مفاهيم موظفين ما زالوا حتى الآن يناقشون هل البريد الإلكتروني رسمي أم لا، والحل هنا في بناء قواعد بيانات رقمية جغرافية يتم توثيق وحصر وفرز جميع المعلومات والبيانات الورقية والرقمية خصوصا ما يتم تنفيذه في فيما ذكرته سابقا ووضعها في موقع جهاز البيئة أو بوابته الإلكترونية، وليس الأمر بصعب لكنه يحتاج لإرادة وعزيمة صادقة من قبل أعلى مسؤول فقط, ويتميز العمل في مجال البيئة بميزتين مهمتين، الأولى أنه حديث العهد فليس هناك إرث تاريخي يرهق جهاز البيئة ويعيق من تقدمه. والثانية أن مجال حماية البيئة هو التوجه العالمي في الفترة الحالية، ولذلك فقد توفرت الكثير من الدراسات والتنظيمات واللوائح والتوصيات والخدمات البيئة العالمية المنتشرة كنماذج عملية جاهزة تساعد في تطوير أي جهاز بيئي. ومع هذا، فإن أي جهاز بيئي لا يستفيد من هاتين الميزتين خصوصا بعد مرور سنة وستة أشهر من تأسيسه فهو لا يزال مكبلا بالبيرقراطية النمطية الحكومية، والحل هنا الأخذ بجهاز بيئي عالمي ناجح وبارز كقدوة والعمل على تطبيق تنظيماته وخدماته البيئية والاستعانة بمستشارين من نفس الجهاز القدوة والعمل على مواءمة أنظمة وخدمات ومهام ذلك الجهاز للتنظيمات واللوائح الوطنية. [email protected]