لو سئلت ما هي العقوبة التي تتمناها لبعض المتهمين بالفساد ؟! لأجبته: البراءة، فلن أفرح بإدانة أشخاص كنت أنظر لهم بإعجاب وأشعر تجاههم باحترام، ففي ذلك خيبة أليمة وحسرة عظيمة، فبعضهم كان مسؤولا أؤتمن على حاضرنا ومستقبلنا، وبعضهم كان حاميا للعدالة والنزاهة، وبعضهم كان قدوة للنجاح ونبراسا للكفاح، لذلك ليس سهلا علينا أن نستوعب حقيقة ما جرى أو نفيق من صدمته ! صحيح أن الفساد لم يكن شبحا خفيا، بل وحشا مفترسا صال وجال أمام أعيننا وبين أيدينا، وأفسد حياتنا ودمر آمالنا وحطم ثقتنا وعطل تنميتنا، وصحيح أن المجتمع كان يعرف العديد ممن تيقن من فسادهم أو أحاطت الشبهات بأعمالهم، وظننا أنهم أبعد من أن تطالهم يد العدالة، لكن من الصادم أن نجد أنفسنا في موقف الاختصام مع بعض من كانوا الأمل في الإصلاح والقدوة في النجاح، فذلك أشبه بالتعرض لطعنة في الظهر ! ستكون للعدالة الكلمة الفصل في الحكم على كل شخص اتهم بالفساد، تبرئ من كان بريئا وتعاقب من كان مدانا، لكن المجتمع لا يبحث عن العدالة وحدها، بل يبحث عن إجابات لأسئلة حاصرته طيلة عقود من الزمن نهشه فيها الفساد بلا شفقة: لماذا وجد الفساد البيئة الخصبة، ولماذا عمر طويلا، ولماذا نجح الفاسدون بالوصول إلى مواقع المسؤولية، ولماذا سمح لهم بالصعود على أكتافنا لاقتطاف الثمار، ثم الجلوس عليها لالتهامها ؟! باختصار.. قد تعوض العدالة الوطن بعض أمواله المنهوبة، لكن من سيعوضنا نحن عن معاناة الحمل الثقيل الذي حملته أكتافنا ؟! K_Alsuliman@ [email protected]