كشف ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز أن السعودية تجري محادثات مع بعض أكبر الشركات في العالم لتطوير تقنيات من شأنها أن تعزز سبل العيش في مدينة نيوم التي يعتزم بناءها على البحر الأحمر، بتكلفة تبلغ 500 مليار دولار. وقال في مقابلة مع صحيفة بلومبيرغ (الأربعاء) الماضي إن مشروع «نيوم» سيغير من قطاع الترفيه، ونفس الأمر ينطبق على طريقة العيش. هنالك فرص لا تحصى في مجالات النقل والصحة والتموين. وعلى سبيل المثال، لن يكون هنالك أسواق سوبرماركت، أبدا. لن يذهب الناس لشراء المنتجات لمنازلهم، فكل شيء سيأتيك في منزلك باستخدام التكنولوجيا. وسيكون التسوق للترفيه، لن يكون لمجرد شراء المنتجات. وسيكون للحياة وسائل عديدة، وسائل متعلقة بالصحة والتموين والتعليم والنقل والأراضي الخضراء والتصميم، والكثير من الوسائل. نحن نريد أن تكون نيوم نفسها، هي أول وأهم روبوت في نيوم، نريدها أن تكون الروبوت رقم واحد. كل شيء سيكون متصلا بالذكاء الاصطناعي، كل شيء متصل بالإنترنت. وسيكون ملفك الطبي متصلا بجهازك المنزلي وسيارتك ومرتبطا بعائلتك وملفاتك الأخرى. وسيطور النظام نفسه في كيفية توفير أفضل الأشياء لك. اليوم نجد أن كل خدمات التخزين السحابي المتاحة منفصلة عن بعضها البعض، ففي السيارة هي قائمة بذاتها، وساعة أبل قائمة بذاتها، كل شيء قائم بحد ذاته. في نيوم، كل شيء سيكون متصلا بالآخر. ولذلك لن يكون بمقدور أحد العيش في نيوم أو زيارتها دون الحصول على تطبيق نيوم الذي سيكون لدينا في ذلك الوقت. ولذلك سيكون أول روبوت في نيوم هي نيوم نفسها. وهنالك الكثير من الأمور المتعلقة بقابلية العيش، يمكن لأي شخص أن يجلس ويتخيل. وأضاف: ما نحاول تحقيقه في ما يتعلق بالنقل، على سبيل المثال، هو إيصال الحاويات الموجودة في المصانع إلى الميناء وإلى السفن دون الحاجة إلى أي تدخل بشري. ولكن كيف يمكنك تصميم مدن صناعية بحاويات بإمكانها الوصول إلى السفن ومن ثم نقلها إلى المستودعات وخلق الإمدادات وخفض التكاليف، سيكون الأمر أشبه بما هو مطبق في المطارات. وهناك ما يكفي من حركة المرور وما يكفي من المال. نحن نحاول أن نحدث تغييرات.. ولقد قمنا بهذه الاختيارات بعناية فائقة للتأكد من الحصول على حصة قوية فيها وإحداث فارق. ولم نكن لنعلن عنها لو لم يكن لدينا المال.. الطلب والشركاء.. وسيكون هناك العديد من المفاجآت. نتفاوض مع الجميع وردا على سؤال عن الشركة التي ستكون ممثلا لنيوم، قال الأمير محمد بن سلمان: نحن نتفاوض مع الجميع. ونتفاوض مع شركة «أمازون»، فأعضاء الشركة منخرطون معنا في العمل، ولكننا لم نصل بعد إلى اتفاق نهائي. ونتفاوض أيضا مع مجموعة شركة «علي بابا»، وهم منخرطون أيضا في العمل، ولدى كلتا الشركتين أفكار عظيمة من شأنها أن تجعل من مشروع «نيوم» مختلفا. وليس بإمكانهم سوى تطبيقها على مشروع «نيوم» وذلك لأنهم يرغبون بوضع بصمتهم على المشروع. وأما في ما يخص التنقلات فإن لدينا ارتباطا وثيقا مع شركة «إيرباص» وغيرها من الشركات الأخرى. ولذلك فإن لدينا «سيرا ذاتية» للعديد من الأشخاص البارزين حول العالم والمنخرطين في هذا المشروع والمهتمين بإنجاز الأمور. لدينا فريق رائع وكبير. ولدينا الآن الرئيس التنفيذي المسؤول عن الحوكمة، وهو كلاوس، ولدينا فريق تملأه الكوادر يعمل تحت إدارته. البعض منهم قمنا بتعيينه قبل ستة أشهر أو عام واحد، وهم من الطراز العالمي، وسنحاول أن نرفع عدد أعضاء المجلس الاستشاري ليصل إلى 300 شخص بكفاءات عالية جدا. الافتتاح 2025 وعن وضع حجر الأساس، ومتى ستكون المرحلة الأولى والمرحلة الثانية للمشروع؟، أجاب: أعتقد أن الناس سيذهبون إلى «نيوم» وسيجدون فنادق وأماكن في عامي 2020 و2021. ولكنني أعتقد أن المدينة – التي تعد المشروع الرئيسي – سيتم افتتاحها عام 2025، نحن نعمل حاليا بوتيرة سريعة على أمر نسميه «خليج نيوم» لكي نسمح للمكاتب والأماكن لمزاولة العمل في الموقع. ولكن عندما تكتمل أعمال المدينة سيصبح خليج نيوم كبلدة هامبتونز في نيويورك في وقت لاحق. لذلك، أنا أعتقد أن خليج نيوم سيكون جاهزا في 2021، وفي واقع الأمر هنالك مطار بالفعل في تبوك اكتمل خلال هذا الشهر وهو مهيأ للأعمال فقط، وأنا أعتقد أننا سنبدأ بتطويره ليكون متاحا للناس عام 2019، وسننشئ مطارا رئيسيا ل«نيوم» بعد عام 2020. توليد فرص العمل وعن مدى قابلية المواطنين للانخراط في مدينة قائمة على الروبوتات، وكيف سيتم توظيفهم، ومدى ثقته في أن هذا المشروع سيكون ناجحا ومختلفا؟ قال الأمير: علينا أن نحافظ على الفصل بين واجبات المؤسسات الحكومية. لذلك فإن دور صندوق الاستثمارات العامة يكمن في توليد المال. ولذا فعندما بدأ الصندوق بالعمل وإنشاء نيوم فإنه قد نظر إليه من جانب التنمية والدخل. لذلك وبطبيعة الحال، سوف تقوم نيوم بتوليد الكثير من الأموال لصندوق الاستثمارات العامة وهو ما سيساعد على زيادة إجمالي الناتج المحلي لدينا بشكل كبير. نحن نتحدث عن زيادة تقدر ب100 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030 في إجمالي الناتج المحلي، وأعتقد أننا سوف نحقق أعلى من هذه الزيادة بكثير. وبطبيعة الحال سيتم خلق الكثير من فرص العمل للسعوديين، وكذلك للكثير من الناس في جميع أنحاء العالم. المركز المالي وعن بعض المشاريع التي لم تحقق المأمول منها، مثل مركز الملك عبدالله المالي في الرياض، أوضح أن صندوق المؤسسة العامة للتقاعد كان يعمل على المركز لفترة معينة من الزمن. وكانت المشكلة أن مساحة المكاتب أعلى بكثير من احتياجات الرياض. فما الذي فعلناه نحن في رؤية 2030؟ لقد قمنا بإعادة هيكلة المركز المالي بأكمله. وتقليل عدد المكاتب وزيادة عدد الوحدات السكنية. لذلك فالمشروع لم يفشل. وسيكون المحرك الرئيسي لمدينة الرياض. وستعقد قمة الدول العشرين عام 2020 في المركز المالي، وسيتم افتتاح المرحلة الأولى منه عام 2018. المدينة الاقتصادية وأضاف: أما بالنسبة لمدينة الملك عبدالله الاقتصادية فالحكومة لم تستثمر فيها، بل القطاع الخاص السعودي وشركات عدة من الخارج، ولذلك فنحن لا نتحمل المسؤولية في ذلك المشروع؛ لأنه لا توجد أية التزامات على الحكومة تجاهه. ومع ذلك، فالمشروع لم يفشل. إذ إن الميناء يعمل. وقد استأجرت المدينة الصناعية العديد من الوحدات وافتتحت عددا من الفنادق. وأهل جدة يطلقون عليها «جدة الجديدة». وقد بدأ معظمهم بالانتقال إلى مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، ولذا فهي ليست مدينة أشباح، إنها مدينة تنمو ويوجد بها عشرات الآلاف من فرص العمل الآن. كما أن مدينة جازان الاقتصادية لديها مشاريع هائلة تابعة لأرامكو اليوم، وأخرى تابعة للصينيين. وفي الزيارة الأخيرة وقع الملك سلمان بعض الاتفاقات المتعلقة بهذا الصدد. «نيوم» لخدمة المنطقة وعاد ولي العهد مؤكدا أن «نيوم» أمر مختلف تماما، قائلا: هنالك التزام من الحكومة، نحن نضع أسماءنا في السطر الأول. وقد وضع صندوق الاستثمارات العامة مئات المليارات من الدولارات في هذا المشروع. وكذلك وضع بعض المستثمرين نفس المبالغ. هنالك طلبات ضخمة وتسريبات مالية عالية نسعى إلى استعادتها، وكذلك المناخ والموقع الإستراتيجي. وردا على سؤال بلومبيرغ: هل تشعر دبي بالقلق؟، أجاب: أعتقد أننا ننشئ طلبا جديدا وهذا سوف يساعد دبي وكذلك المواقع المحورية الأخرى في الشرق الأوسط. لا أعتقد أن هونغ كونغ أضرت بسنغافورة أو سنغافورة أضرت بهونغ كونغ. إنهم يخلقون طلبا جديدا جيدا لبعضهم البعض. هذه المنطقة، سوف تخلق طلبا جديدا، وليس نفس طلب دبي. هذه المنطقة سوف تساعد دبي، والبحرين، وخصوصا الكويت، إذ سوف تصدر الكويت إلى أوروبا بشكل أسرع وأرخص من الآن، وذلك عبر أنابيب وسكك منطقة نيوم إلى مصر – شمال سيناء – ثم إلى أوروبا. «نيوم» وسيناء وعن الاتفاق الذي وقعه الملك سلمان مع الرئيس المصري بشأن منطقة حرة شمال سيناء، أوضح أن الهدف وراء هذا الاتفاق هو من أجل ربطها بنيوم التي ستحظى بالكثير من المنافذ، بعضها في السعودية وبعضها في مصر. ولذلك، سوف تستفيد دبي، والبحرين، والكويت، ومصر، والأردن، وكذلك دول البحر الأحمر والكثير من الأماكن في العالم بنفس الطريقة أو بطريقة أخرى. قوانين خاصة ب«نيوم» وعن الأنظمة والمعايير التي ستخضع لها هذه المدينة، قال الأمير محمد بن سلمان: سوف تكون القوانين السيادية ضمن إطار القانون السعودي، مثل الدفاع، والأمن الوطني، ومكافحة الإرهاب والتهديدات المماثلة، والسياسة الخارجية. هذه الأمور ستبقى ضمن إطار القوانين الحكومية. ولكن القوانين التجارية وغيرها ستخضع تحت إطار قوانين خاصة بنيوم نفسها. سوف يمنحون الحق في تنظيم كل هذه التفاصيل بالطريقة التي تخدم أهداف المشروع. هذا شيء رائع. وعندما تنظر إلى أي مدينة حول العالم، على سبيل المثال نيويورك فسوف تجد قوانين تخدم الجميع، سواء شركات أو أفراد، ولذلك فهم يسعون إلى وضع الأمور بالطريقة التي تفيد الجميع. ولكن نيوم لا يوجد مثيل لها، فالتشريعات سوف تكون وفقا لحاجة الشركات والمستثمرين. ولذلك سوف يأتي الناس إلى نيوم لثلاثة أسباب: إذا كان مستثمرا، أو يعمل في أحد المشاريع، أو سائحا، أما إذا لم يكن من ضمن هذه الثلاثة أصناف فلن يكون في «نيوم». «نيوم» ترحب بالجميع وزاد أن السعوديين وغيرهم بإمكانهم الوصول إلى «نيوم» ولو لم يكن لديهم عمل فيها، ولكن عليهم أن يقوموا بحجز غرفة في فندق أو أن يكون لديهم منزل أو شقة فيها، مضيفا: «نحن نسمي هذا الأمر بالاستثمار»، والمشروع سيلبي كافة احتياجات المستثمر الأجنبي والسائح الأجنبي، إذ سيكون هنالك قوانين مختلفة، على سبيل المثال سيتسنى لنا أن نطبق ما نسبته 98% من المعايير المطبقة في المدن المشابهة، ولكن لن يكون بوسعنا تطبيق نسبة 2% المتبقية مثل المشروبات الكحولية. أرامكو والنفط وعن آخر المستجدات حول توقيت ومكان طرح الاكتتاب الأولي لأرامكو، قال ولي العهد: قلناها أكثر من مرة، نحن على المسار الصحيح. وسيتم الطرح في 2018. وعلى ما أعتقد بأنه سيكون في النصف الثاني منه. وردا على سؤال عن مدى الرغبة في تمديد اتفاق «أوبك» مع روسيا، قال: الكل مستفيد، سواء الدول الأعضاء في أوبك أو غير الأعضاء، ويزداد إيمان الكثيرين بهذا الاتفاق يوما بعد آخر لأنهم رأوا النتائج بأم عينهم. لذا، فإن الجميع مهتمون باستمرار المحافظة عليه. وأضاف: أما مسألة التمديد، فلا يمكنني الحديث عنها. لن نتحدث بشكل فردي، وإن كنا بالطبع في حاجة إلى مواصلة المحافظة على استقرار السوق النفطي الذي تمكن من احتواء إمدادات النفط الصخري الجديدة.