يُشكل القضاء التجاري البنية الأساسية والمقياس الحقيقي لأسباب توفير وحماية بيئة اقتصادية قوية تعمل الدولة من خلاله على حماية الحقوق بشكل ينعكس إيجاباً على بيئة قطاع الأعمال وتعزيز التنمية الاقتصادية وتحفيز الاستثمار في المملكة بما يتوافق مع أهداف الرؤية 2030. لقد شَهِدَ القضاء التجاري غُرّة محرم لعام 1439ه نقلةً نوعية في تاريخه حيث تم تدشين حفل لافتتاح المحاكم التجارية من قبل وزارة العدل لتباشر تلك المحاكم اختصاصاتها بعد نقلها من ديوان المظالم (القضاء الإداري) إلى القضاء العام، حيث بدأت بثلاث محاكم رئيسية في كل من: الرياضوجدة والدمام، إضافة إلى دوائر تجارية مُتخصصة داخل منظومة المحاكم الابتدائية في عدد من مدن المملكة، كما باشرت محاكم الاستئناف اختصاصها من خلال تدشين الدوائر التجارية. وتختص المحاكم التجارية بنظر جميع المنازعات التي تقع بين التُجّار أو التي تُرفع على التاجر بسبب أعماله التجارية، كما تختص بنَظَر جميع الدعاوى المُتعلقة بالأنظمة التجارية وغيرها من الاختصاصات المنصوص عليها في المادة الخامسة والثلاثين من نظام المُرافعات الشرعية. وقد رَاعَت آليات نقل الاختصاص التي صُدرت أخيراً بالأمر الملكي الكريم رقم (10827) وتاريخ 3/ 3/ 1438ه الإعداد الموضوعي للتَخصص حيثُ اعتنَى بتأهيل وتدريب الكوادر القضائية وغير القضائية من خلال برامج مُتخصصة في مجالات اختصاصاتها القضائية وأعمالها الإدارية. ولا شك أن نوعية وطبيعة قطاع الأعمال تقوم على أساس السرعة والإنجاز، فعامل الوقت مهم جدا للتاجر للاستثمار الأمثل للمال والوقت والجهد مما قد لا ينسجم مع الإجراءات الروتينية وطول الأمد عند النظر في المنازعات التي قد تنشأ في حال وجود نزاع. بعض التجار والمستثمرين الأجانب قد يحرص على اللجوء إلى التحكيم من خلال تضمين هذا الاتفاق في بنود العقد خشية من طول ذلك النزاع وازدياد حجم الخسائر التي قد يواجهها. ومع ذلك مازلنا نلاحظ أن أغلبية التجار والمستثمرين يفضلون اللجوء إلى الدوائر التجارية لإيجابيات كثيرة يرجحونها والتي قد تصبح أكثر فعالية في المرحلة القادمة بعد سعي السلطة القضائية إلى دعم تلك الدوائر من خلال المحاكم التجارية بكوادر متخصصة ومؤهلة ومدربة في مجال القانون التجاري. المتأمل في كل تلك الإصلاحات التي نراها ونتلمسها يوماً بعد يوم يتأكد أن مسيرَة التطوير القانوني والقضائي تمتَد بتوفيقٍ من الله تبارك وتعالى ثُمّ بدعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- والمُثابرة الدؤوبة والمُستمرة من قِبَل سُمُو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -وفقه الله- وبجهود القائمين على ذلك من السلطات التشريعية والقضائية ومقام وزارة العدل بهدف دعم حراك التنمية وتوفير بيئة اقتصادية وعدلية ناجحة ومحفزة. * مُحامية ومستشارة قانونية [email protected] Twitter: @bayanzahran1