قالت الشاعرة سعدية مفرح، إن كتابها «هذا الجناح جاحي» الذي وثقت فيه ب 21 مقالا يومياتها أثناء أدائها فريضة الحج، اكتشفت لاحقا أنه من الكتب القليلة التي كتبت في هذا المجال بالعصر الحديث. وأضافت: «لعله الكتاب الوحيد من بين كتبي الذي لا أتردد من العودة إليه بين الفنية والأخرى، لأقف على بعض ذكرياتي المدونة فيه أو الأسئلة التي ما زالت تبحث عن إجاباتها بين تضاعفيه». وأوضحت «في كل مرة أعود إليه فيها أشعر أنني أحتاج للحج مرة أخرى، لأرمم ما تهدم من روحي وأسد ما نتج عن ذلك من ثغرات في وجداني أثناء الحج، الذي أشغلت نفسي فيه جزئيا بالبحث عن أسئلة دينية وفلسفية بدلا من الاستسلام النهائي لفكرة الحج كفريضة فرضها الله بشعائر معينة وطقوس مفصلة، ربما لا تحتمل التفسير والتأويل، وسأفعل ذلك حقا إذا كتب الله لي حجة جديدة.. أتمنى ذلك». وعن رحلتها للحج، تقول مفرح: «تأخر أدائي لفريضة الحج سنوات طويلة نسبيا لأسباب كثيرة، لكنني عندما قررت الذهاب أقبلت بكل جوارحي على المهمة التي أردتها تعبدية خالصة بعيدة عن أي اهتمامات كتابية ترافقني في مهماتي الحياتية الأخرى، لكن ما حدث لاحقا جعلني أحمد الله كثيرا أن سجلت كل محطاتي أثناء الحج بالكتابة، فالذاكرة تخون وأنا لا». وتضيف: «كنت في منتصف الأربعينات تقريبا عندما قررت أن أراجع أسئلتي المستحيلة على الصعيد الديني والفلسفي وأذهب بها إلى بيت الله الحرام، أريد لذكرياتي المضمخة بعطر العودة إلى يقين الله بعد سنوات من التيه الوجودي أن تغيب عن بالي، ذهبت محملة بالكثير من تلك الأسئلة بحثا عن إجابات نهائية ويقينية لها في ظلال البيت العتيق، لكنني اكتشفت عندما عدت أنني لم أجد سوى القليل من الأجوبة، وأن جل أسئلتي تضاعفت وتناسلت من بعضها البعض، ولأنني كنت مأخوذة بتلك الرحلة فقد قررت بعد عودتي توثيقها في سلسلة مقالات فيها يومياتي أثناء أداء الفريضة». وتستطرد: «على الرغم من أن الرحلة لم تستمر أكثر من 10 أيام فإنها كانت بالنسبة لي بمثابة عمر إضافي تضاعفت أيامه مرات ومرات حتى تساوت مع أيام عمري السابق كله، وكنت أكتب كل واحدة من تلك المقالات قبل موعد نشرها بيومين فقط مستعينة بذاكرتي وما علق بها من علائق أحسبها سترافقني ما بقي لي من عمر بإذن الله، استدراجا لعبق تلك الذكريات، ولهذا جمعت تلك المقالات وأضفت عليها مقالات أخرى ثم أصدرتها في كتابي».