على مدى إحدى وعشرين مقالة متتابعة نشرتها هنا في "ثقافة الرياض" تحت عنوان؛ "رحلتي إلى الحج"، كتبت يومياتي في رحلتي لأداء فريضة الحج لأول مرة في حياتي في موسم العام (1432ه). وعلى الرغم من أن الرحلة لم تستمر أكثر من عشرة أيام الا أنها كانت بالنسبة لي بمثابة عمر إضافي تضاعفت أيامه مرات ومرات حتى تساوت مع أيام عمري السابق كله. كنت أكتب كل واحدة من تلك المقالات قبل موعد نشرها بيومين فقط مستعينة بذاكرتي وما علق بها من علائق أحسبها سترافقني ما بقى لي من عمر بإذن الله، استدراجاً لعبق تلك الذكريات، ولأنني لم أكن قد دونت شيئا منها على الورق أثناء الرحلة كما ظن الكثيرون ممن تابعوا قراءة تلك اليوميات طوال العام الماضي. ولذلك ربما فاتني الكثير مما لم أسجله في وقته ومكانه من بين سطور المقالات، ولم أرغب بتسجيله لاحقا في غير مكانه وزمانه من التسلسل الذي أردته. ومع أنني في بدايات السلسلة كنت أتابع تعليقات القراء عليها في موقع جريدة الرياض الإلكتروني إلا أنني أهملت المتابعة لاحقا تحت وطأة كثرة التعليقات التي كانت تصلني بوسائل أخرى أشهرها حسابي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر". لكنني بعد أن فرغت من كتابة الحلقة الأخيرة من تلك السلسلة التي أعتبرها السلسلة الأحب إلى نفسي من بين كل ما كتبت من مقالات طوال عمري الصحفي، عدت في التفاتة وداعية لتلك التعليقات التي أكرمني بها قراء جريدة الرياض فوجدت الكثير منها أروع مما كتبت وأحق بالنشر لذلك قررت أن أختار من بينها التعليقات التالية، بعد أن حذفت منها الكثير من معاني الثناء عليّ والمقدر عندي بالتأكيد. وهي تعليقات كتبها أصحابها غالبا مذيلة بأسماء مستعارة يمكن الرجوع إليها في الموقع، لكن ما اخترته منها هنا مجرد نماذج عن كل ما كتب.. أسجلها شكرا لمن كتبها ولمن قرأها وتحمل عناء متابعة سلسلتي طوال عام تقريبا..وهاهي تعليقاتكم خاتمة المسك لرحلة المسك: "سيأتي الحج إذن!.. تُرى وهل بعده حج.. فلتخرجي من سياج الحذر.. ولتبكتينا وانكتينا بلا حرجٍ. فنحن غير الزمن الأولِ.. لقد انزاحت الحجبُ حينها واللجبُ..لا نار شجبٍ ولا حينها سيكافئ الشجبُ". "معاني الحج مكتوبة في دواوين علماء الامة خصوصا الرمي والتناقضات ليست موجودة لكن قد يكون التناقض في طريقة الفهم وتربيته الماضية ومن يصدق يسدد". "كأنك عشت صراعا بينك ونفسك.. هذا مافهمته كقارئ. وبالفعل فكل مانقوم به هو امتثال لأمر الله عز وجل وامر نبيه عليه اتم الصلاة والسلام، ولا اعنيك شخصيا ولكن بالفعل هناك من يعيش حالة صراع فكري في تلك الاماكن المقدسة وهذا يمكن ان يكون ضعف ايمان بالبعض، ممن يسلمون لافكارهم، وانما الانسان المؤمن يؤدي الحج ودون ان تمر اي صراعات وافكار في مخيلته، هذا هو الفرق". " إن مجرد الدخول الى الروضة الشريفة والوقوف بين المنبر الشريف والحجرة فان دموع المسلم تسابق اشواقه في النظر الى الحضرة المحمدية صلوات ربي وسلامي عليه وكيف غيرت امته بعده امور دينها وتركت او تخلت عن وصاياه واستبدلت مع الاسف نور سيرته بظلام عقول بني الانسان". "من ينظر الى العمارات الشاهقة حول المسجد الحرام يحسب انة فى امريكا والسؤال من الذي يسكن فيها في الوقت الذي يعجز الاغلبية عن الوصول اليها وهل وصل الاقتصاد الى هذه الرفاهية بينما الاغلبية ترزح تحت خط الفقر ولماذا لم يرافق ذلك التطور الصناعة والعلم والصحة والسكن ومتى ينتهى الانبهار بها". "من اجمل ماقرأت هذا الصباح عبر النت فى كل الصحف العربية ولكن كان الشوق اكثر لو تعمقت في العدد والاسماء والافضلية والحداثة والقدم وسر الحلقات الدائرية الكبيرة المعلقة على الابواب وضرب بعض الناس لها وباب الكعبة والمفتاح ومن اسم من يمسكة الان ولماذا تغلق بعض الابواب". ".. أحياناً أفكر كيف تعرف هذه المرأة أسماء الجمال "البعارين" وأوصافها وطباعها... وأنا من قلب نجد لا أعرف ذلك، ولم أركب جملاً؟". "يوم عرفة يوم عظيم قد لا يمر على الانسان في حياته مره أخرى، كنت احس في ذلك اليوم المهيب ان روحي معلقة بين السماء والأرض، كانت روحي خاشعة وجوارحي ملبية، ياله من يوم". "لا زلت اتذكر نفسي في آخر دقائق ذلك اليوم االمقدس(عرفة).. كدت أرى الملائكة!..أما صوت أجنحتها والله ان ذلك الدوي الغريب والذي كان يزيد في أذني كلما اقتربت العتمة لم أسمعه طوال حياتي حتى الآن.. بكيت كأن لم أبك؛ وتبت من جميع سيئاتي لذا انا مشتاق لمكان آخر لا يقل قداسة عنه؛ جبل الطور ودير سانت كاترين في سينا". "تساؤلك عن الهرولة للنساء في المسعى جدير بالعناية، وما يريح قلوبنا كمؤمنين هو منهج حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد سن للرجال الهرولة ولم يشرعه للنساء رحمة بهن وسترا لهن". "من منا لم يحمله الحنين إلى البقاع المقدسة يوما لدرجة ان دمعت عيناه..هناك حيث موطن الطهر، والتجرد من كل ماهو مادي، والتحليق بروح متوضئة تطوف بجسدها حول الكعبة وترفرف هي في السماء..؟". "وصف معبر لهجرة خير البشر والمفارقة أني أنا مدير الحملة ومن رتب الرحلة لك للمدينة النبوية، وانا الآن جالس اعلق على كلامك الجميل.. وانا بحضرة الحبيب المصطفى في أطهر بقعة". "عظمة الكلام من عظمة المكان، ولاشك في ان لكل انسان احاسيسه ومشاعره الخاصه عند زيارة هذا المكان واحيانا يعجز اللسان والقلم ان يترحمها، ولايعرف الشوق الا من يكابده. من يقدم الى هذا المكان بقلب مؤمن خاشع فسوف يرى ويحس مثل ما تحس هذه الكاتبة". "فعلاً..أهل مكة أدرى بشعابها وزوارها.. وليتك تعمقتِ بسبر أغوار نفس الإنسان المكي المملوءة بالدهاء والأريحية وشيء من ظرافة؛ تزداد وتنقص حسب الميانة وأشياء أخرى". "لى ملاحظة على ماوصفتيه برائحة العطن - تحت الجسر حيث تتجمع الحافلات لنقل الحجاج..أكيد سمعت صوت الشفاطات لتنقية الهواء. إنها أذكى من رائحة المثل فى أندرقراوند لندن أو مترو باريس..إلخ". "أخرج أحمد عن أم حميد رضي الله عنها أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك. قال: "قد علمت أنك تحُبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي" وروى بعض الحديث ابن المنذر في الأوسط، وقال بعده: فإذا كان هذا سبيلها في الصلاة، وقد أمرن بالستر، فالقعود عن الجنائز أولى بهن وأستر". هذي المسألة يسميها العلماء: مسألة الاجتهاد والتقليد، ملخصها: أنت أحد اثنين، إما أن تكوني امتلكتِ أدوات الاجتهاد من معرفة الناسخ والمنسوخ والعام والخاص وبقية الأدوات، فيجب عليك النظر في أدلة الفقهاء ثم تعملي أدوات اجتهادك، وتنظري أي الأقوال أرجح فتعملي به. وإما أن تكوني بخلاف ذلك، فيجب عليك أن تنظري إلى أحد العلماء الذين تثقين بعلمهم وأمانتهم وورعهم، وتقلديه". ** ** ** وماذا بعد؟ الحمد لله من قبل ومن بعد.. (انتهت)