يبدو أن كيمياء التفكير لدى السلطة القطرية لم تتفاعل فيها عناصر الحكمة مع مركبات السيادة لكل الدول، إذ أصبحت ترى أن الحكمة في التزييف والتحريف، وفي ظنها أن ذلك سيجدي لإيهام جيرانها بأنها على الطريق السوي، بينما هي في واقعها تسير بأقصى سرعتها إلى الهاوية. فعندما طالبت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر) حكومة قطر بالتزامها بحقوق السيادة لكل الدول، وقطعت علاقتها بالدوحة حتى يتم تنفيذ المطالب ال13 ، انطلقت في ذلك من حقها المشروع في حماية أمنها الداخلي من كل ما يثير الفتنة بين أبناء الوطن الواحد. لم تكن هذه الدول لتطلب المستحيل من حكومة استمرأت الخروج عن المسار الخليجي والعربي، ولم تتخذ الدول الأربع إجراءاتها إلا بعدما استنفدت كل المحاولات لثنيها عن محاولاتها اليائسة في شق الصف وزعزعة الاستقرار، فدول الخليج تعاهدت في 2013 و2014 على أن يتم تكريس الوحدة الخليجية وإقصاء الخلافات جانبا وتغليب المصلحة العامة، واشترط لتحقيق ذلك عدم احتضان ودعم وإيواء المتطرفين والإرهابيين، وطردهم، والعمل على مقاضاتهم ومحاسبتهم جراء جرائمهم المستمرة. فالمملكة لم تكن تريد سوى الخير لمصلحة الأشقاء، وهو ما تحقق -مبدئيا- بطلب قطر الحوار مع الدول الأربع، وذلك باتصال تلقاه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من أمير قطر تميم، مبدياً رغبته في الجلوس على طاولة الحوار. ولم تكد السعودية لترد على تلك الرغبة بترحيب ولي العهد، إلا وانطلقت وكالة الأنباء القطرية تبث الزيف والإرجاف، وحرفت مضمون الاتصال الذي تلقاه الأمير محمد بن سلمان من أمير قطر، لتعلن المملكة على لسان متحدث مسؤول في وزارة الخارجية تعطيل أي حوار أو تواصل مع السلطة في قطر حتى يصدر منها تصريح واضح توضح فيه موقفها بشكل علني، وأن تكون تصريحاتها بالعلن متطابقة مع ما تلتزم به.. فهل أصبحت مطالب الدول الأربع لحكومة الدوحة.. 14 مطلبا؟.