باتت الطائفية تبث سمومها في الجسم العربي بهدف زعزعة الأمن ونشر الإرهاب والتطرف، مدعومة من دول معادية تنبذ الأمن والأمان في الحياة البشرية، لذا لا زالت تعاني الدول العربية المعاصرة من تحديات داخلية وخارجية، تتمثل في انتشار اتجاهات فكرية واجتماعية وثقافية لا تتوافق مع توجهات الوحدة الوطنية التي تعمل على تعزيزها. ويعد التعصب المذهبي في المجتمع السعودي واحدا من المشاكل التي يمكن أن تحد من توجهات الوحدة الوطنية في المجتمع إذا لم يتم ترشيدها وتوجيهها إلى المسار المناسب مع توجهات التلاحم الوطني، في الوقت الذي يمكن لها دور كبير في تعزيز الوحدة الوطنية إذا ما أخذت الاتجاهات التي تتوافق مع هذا الهدف. وفي السنوات الأخيرة بدأت الطائفية والمذهبية تطل برأسها من جديد وترسم في ملمح يتسم بالعنصرية والتقديس والولاء لها أكثر من ولائهم لأوطانهم والنظرة الدونية للمكون المجتمعي الآخر في تمجيد للأنا وتقسيم للمجتمع ودعوة إلى إثارة النعرات الطائفية المرتبطة بأوهام التفوق مستخدمة الثورة العلمية التكنولوجية للعمل على إحياء الفتنة والتفرقة بين أبناء الوطن. ومن وجهة نظري، يجب على المؤسسات الدينية والأمنية والتعليمية والإعلامية على وجه الخصوص إغلاق القنوات التي تغذي الطائفية وتدعو لها، وكذلك تقديم دراسة علمية وحلول دقيقة وواقعية لجميع القنوات والصحف الإلكترونية وبرامج التواصل الاجتماعي التي تعتبر أحد منتجات الثورة العلمية لمعرفة التوجهات الفكرية والأمنية ما إذا كانت تتوافق مع توجهات الوحدة الوطنية وتدعمها أم تعزز التفرقة بين أبنائها. وكذلك وضع قانون يجرم كل من يدعو ويمارس الطائفية والتفرقة بين أوساط المجتمع. وهذا ما دعا قيادة المملكة العربية السعودية إلى دعم كل ما من شأنه تحقيق الوحدة الوطنية بين أبناء المجتمع السعودي، والابتعاد عن التصنيفات المذهبية والفكرية والمناطقية، وعن استخدام لغة التصنيف والإقصاء التي لا تليق بمجتمع نشأ على تعاليم وقيم الإسلام السمحة، وأكد على أهمية ترسيخ وتعزيز اللحمة الوطنية وتحقيق التوافق والائتلاف بين أبناء المجتمع، ولذلك دعت الحاجة إلى إنشاء كرسي الأمير نايف لدراسات الوحدة الوطنية، والذي من أهم أهدافه تعزيز مفهوم الوحدة الوطنية وإجراء الدراسات والبحوث الاستشرافية للظواهر المهددة للوحدة الوطنية. * باحث بالقضايا الأمنية والفكرية Abdulaziz-Altuilai@ hotmail.com