الوحدة الوطنية كجبهة داخلية سلاح لا يماثله سلاح في مواجهة التحديات والمخاطر الخارجية وحماية المقدرات والمكتسبات.. كلما كانت الوحدة الوطنية صلبة كلما سقطت مشروعات الاختراق.. بات واضحاً أن هناك استهدافاً لدول الخليج ومحاولة زعزعة استقرارها وشق تناغم نسيجها المجتمعي وإثارة الفتنة فيها، بدليل أن ترابها مهدد من عدة جهات سواء كانت دولاً إقليمية أو جماعات راديكالية، فضلاً عن شرائح في الداخل الخليجي متعاطفة أو مؤيدة لتوجهاتها والتي ما برحت تنهش في جسد أوطاننا عبر التحريض أو التكفير أو بث العصبية والعنصرية والكراهية أو تصنيف المجتمع على أساس مذهبي وإثارة النعرات الطائفية فيه. ولي العهد الأمير محمد بن نايف كان صريحا ومباشرا وشفافا وهو يتحدث لإخوانه الوزراء الخليجيين مؤكدا على نجاح السياسات في المحافظة على ما تتمتع به دول الخليج وشعوبها من أمن واستقرار، وما تنعم به من تطور وازدهار. الأمير محمد تولى منذ حوالي العقدين ملف المواجهة الأمنية مع الحركات الراديكالية حتى كاد أن يذهب ضحية لتلك المواجهة حينما حاولوا اغتياله وهو الذي كان له دور مفصلي في ترسيخ الأمن والاستقرار في بلاده. حديث ولي العهد كان لافتا وهو يشير وبوضوح إلى التحدي الأكبر لأي دولة في عالمنا المعاصر يتمثل في المحافظة على وحدتها الوطنية بعيداً عن أي مؤثرات أو تهديدات داخلية أو خارجية، واصفا هذه الوحدة بأنها "وحدة وطنية تعلو فيها ولاءات الوطن على ما دونها من ولاءات شخصية أو عرقية أو مذهبية تفرّق ولا تجمع. وحدة وطنية يدرك من في ظلها كل فرد واجباته تجاه وطنه وأمته، ويعمل من أجل أمن واستقرار مجتمعه، ويواجه بفطنته المؤثرات السلبية والتوجهات الفكرية المنحرفة دفاعاً عن دينه، وحماية لوطنه، ودحراً لأعدائه". كلام الأمير محمد، وهو السياسي المحنك وعراب مواجهة الإرهاب، مهم وتشريح دقيق لما ينبغي أن تكون عليه الأمور. الوحدة الوطنية كجبهة داخلية سلاح لا يماثله سلاح في مواجهة التحديات والمخاطر الخارجية وحماية المقدرات والمكتسبات. كلما كانت الوحدة الوطنية صلبة كلما سقطت مشروعات الاختراق. دولنا الخليجية تتعرض لتحديات، لكن الخطر الحقيقي الذي لم تشعر به من قبل وأدركتْه لاحقاً وجود فئة محسوبة عليها علناً تعمل ضدها سراً، وهي كارثة مؤلمة ولكنها الحقيقة. كانت الطائفية الورقة السحرية التي استخدمتها طهران في تنفيذ أجندتها، لتجعل منها أداة لشرخ الوحدة الوطنية في المجتمعات الخليجية، بدليل محصلة ممارساتها في الكويت والبحرين والسعودية. التلون المذهبي والثقافي والاجتماعي والرصيد التاريخي لبلادنا وإرثها الضخم وقيمها وطبيعة العقد الاجتماعي ما بين القيادة والمواطنين عوامل مهمة قادرة على الإمساك بزمام الأمور ضد العابثين والطامعين. هذه مقومات لا بد من استثمارها وتوظيفها لمصلحة الوطن، وأولويتنا بعد ديننا هو هذا الكيان الذي يجب ألا نفرط فيه خاصة في ظل ما نشاهده اليوم من اقتتال واحتراب ودمار فيما يجاورنا من دول. استهداف السعوديين واختراق شرائح الشباب منهم ودفعهم للانخراط في أجندة معادية، مستخدمين الوسائل كافة؛ من ترويج إشاعات وماكينة إعلامية، هو مطلب للأعداء، ما يعني ضرورة إحباط تلك المشروعات عبر إعادة النظر في مسألة الانتماء والولاء عبر إستراتيجية وطنية تكشف نشوء الأسباب وتقترح علاج الخلل للوقوف ضد محاولات الاختراق والتمزيق. المحافظة على تجربة الملك عبدالعزيز في تقديري تتحقق بتكريس الوحدة الوطنية وما يجمعنا كشعب أكثر مما يفرقنا ونحن بحاجة إلى عدم اللعب على وتر المناطقية والمذهبية ومحاربة الآراء والطروحات الشاذة والنظر إلى بعضنا بعضا على أننا متساوون في الحقوق والواجبات، ما يجعلنا نطالب بحماية تلك الوحدة وتقوية روابطها والحفاظ على تماسك المجتمع عبر إصدار تنظيم قانوني يتم بموجبه تجريم كل من يحاول العبث بوحدتنا والنيل منها فالوحدة الوطنية خط أحمر وقد تكون هناك تجاوزات من هذا الطرف أو ذاك إلا أن الغالبية مع وحدة هذا الوطن. صفوة القول: اليقظة الفكرية والإحساس الوطني والمكاشفة أدوات يجب التسلح بها لمواجهة المخاطر المحدقة بنا وهي مسؤولية مشتركة من أجل الحفاظ على بيتنا الكبير. تعزيز وحدتنا الوطنية يقطع الطريق على مشروعات بعضهم في محاولة صب الزيت على النار لتهشيم النسيج المجتمعي وبالتالي اختراقه لتنفيذ أجندتهم.