أثار ما نشرته «عكاظ» عن معالجة دارة الملك عبدالعزيز أكثر من 27 ألف وثيقة، شجون مؤرخين وعشاق جمع وثائق، وثمنوا لدارة الملك عبدالعزيز مشروع مسح المصادر التاريخية الذي قضى خمسة أعوام يجوب مناطق ومحافظات ومدن ومراكز المملكة، لجمع أكثر من ثلاثة آلاف مخطوطة، وأضعافها من الوثائق، فيما استقبل من الإهداءات ما يقارب 100 مكتبة، كما شرفت الدارة كل من يودع وثيقة أو مخطوطة بلقاء الملك سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة الدارة. ويرى أستاذ التاريخ الدكتور عائض الزهراني أن دارة الملك عبدالعزيز، مؤمنة أن التاريخ كنز يحفظ مدخرات الأمة في الفكر والثقافة والعلم والتجارب، ويمدها بالحكمة التي تقتضيها رحلتها في الزمان تجاه تقلب الأحداث، مشيراً إلى أن الدارة لم تجمع كل المخطوطات، في ظل تردد البعض، وعدم تعاونه، أو استرابته، برغم أن استيداع الدارة للمخطوطات أوثق وأحفظ، والاسترابة غير مبررة، مؤكداً أن فقه التاريخ ضرورة لكل أمة تريد أن يبقى لها دور متميز في التاريخ، كون الوعي بتاريخنا وحضارتنا هو الطريق لاستئناف دورنا القيادي. لافتاً إلى أن الدارة أسهمت بشكل مكثف وبخطوات كبيرة في توعيه المجتمع بحضارته، وفقهه بتاريخه، عبر أنشطتها المتنوعة والمتعددة، ومشاركتها في شتى المناسبات التاريخية والثقافية داخل المملكة وخارجها. فيما يذهب الموثق التاريخي محمد ربيع الغامدي إلى أنه منذ عام 1409 بات المركز الوطني للوثائق والمحفوظات معنياً بالوثائق، جمعا، وصيانة، ومعالجة، وتبويبا، وفهرسة، وتوعية، مشيراً إلى أن المركز تابع لديوان مجلس الوزراء. ويؤكد أن الوثائق والمخطوطات دخلت ضمن اهتمامات دارة الملك عبدالعزيز، وقدمت الدارة جهدا تناقلته أخبار الصحافة، في حفظ ما وصل إليها من وثائق، واستحدثت برنامجا لترميم الوثائق حتى ما كان منها وثائق خاصة الملكية. ولفت إلى أن إمارة الباحة قامت منذ عقود ثلاثة بجمع الوثائق التي كانت بحوزة المواطنين، وكانت بالآلاف. وأضاف ربيع: هناك مراكز وجهات أخرى قامت بالأمر نفسه، ما يعني أن جهد حفظ الوثائق ومعالجتها وفهرستها جهد بسيط جدا، إزاء ما استلمته الدارة من وثائق كما تتناقلها أخبار الصحف. ويرى أن المملكة واسعة الأطراف، وتمثل قارة في دولة، وحافلة بمواقع الاستيطان القديم والوسيط والحديث، وقامت على أرضها حضارات ودول كثيرة، وشاركت في صنع تاريخ الشرق السياسي والتجاري، وينتظر أن تكون وثائقها بالملايين. فيما يؤكد المؤرخ علي بن الحسن الحفظي، أنه واحد ممن يملكون عددا من الوثائق والمخطوطات، آلت إليه بعد وفاة والده الشيخ الحسن الحفظي، فقام بتصنيفها ووضعها في ملفات حافظة لها، وحينها لم يكن على علم بوجود جهة حكومية تعنى بالمحافظة عليها، وترميمها، وصيانتها بالطرق المتبعة في ذلك تقنيا، موضحاً ل«عكاظ» أنه عندما علم عن مركز الملك فيصل ودوره، تعاون معه وتبادل الزيارة بينه وموظفيه. وأثنى على دور الدكتور يحيى باجنيد مدير مركز الملك فيصل للمخطوطات على ما أولاه من اهتمام خاص. وأضاف الحفظي: زرت دارة الملك عبدالعزيز لحفظ التراث الوطني، وقابلت الدكتور فهد السماري، وتباحثت معه بشأن الوثائق والمخطوطات التي تحتل مكانا أثيرا في مكتبتي، وأسعدني بزيارة خاصة لمنزلي، والاطلاع على المكتبة، وأوصى الذين كانوا معه بالاهتمام بشأن موجوداتي من ذلك الأثر. ويرى الحفظي أن أبواب الدارة ما زالت مشرعة للتعاون والاستفادة من معطياتها التقنية الحديثة. وما زال التعاون قائما بينه والدارة في هذا المجال. ولفت إلى أن هناك ريبة من بعض الملاك للمخطوطات، على اعتبار أن الدارة سوف تستولي على ملكيتهم الخاصة بصورة تعسفية، أو بإجراءات فيها تسلط وتحكم، موضحاً أن الدارة لم تجبر أحداً على تسليم ما بحوزته، بل عرضت تعاونها وتفانيها لخدمة هذا الموروث الوطني، وعدّ الدارة مكانا آمناً ومهما لحفظ الموروث، وتوثيقه، والاهتمام به بصفة لا تقبل الشك في أثر أو وثيقة. ووصف من يستريب من مشروع الدارة بالمحتال والخائف من الشكوك التي تتصل بالوثيقة أو الأثر الذي يمتلكه. ودعا إلى العناية بالوثائق والآثار المكتوبة في أزمنتها القديمة، كونها إرثاً وطنياً مهماً، وتسليمه لمن يحفظه هو واجب وطني تتعلمه الأجيال.