Hani_Dh@ كما كان متوقعا، جاءت الكلمة التي ألقاها أمير دولة قطر البارحة الأولى كرسالة مستعجلة للداخل القطري، هدفها طمأنة المواطنين والمقيمين على أوضاع الدولة، لكنها وعن غير قصد بدت كأول جرس إنذار حقيقي، فلغة جسد الأمير وعباراته سيئة الصياغة، أكدت أنه يعيش حالة خوف وقلق غير مسبوقة ستنعكس لا محالة على شعبه. أعاد أمير قطر في كلمته خطاب المظلومية الإيراني المعتاد منذ الثمانينات بعد أن ألبسه الدشداشة القطرية، إذ ظهر مرتبكا مهزوزا يردد مفردات بكائية مثل الظلم والكرامة والحصار، قبل أن يختتم حديثه بعبارات استهلاكية تتاجر بالقدس والقضية الفلسطينية، تحمل ذات لغة صبي طهران في لبنان المدعو «حسن نصر الله». يعتقد البعض أن عضو الكنيست الإسرائيلي «عزمي بشارة» الذي يدير خطاب قطر السياسي منذ سنوات، هو من ورط الأمير القطري الخائف بهذه الكلمة التي ضرته أكثر من أن تنفعه، وهو أمر غير مستبعد، لكن برأيي أن الرائحة الإيرانية فيها أكثر وضوحا من أن تُخفى، ومن أراد أن يتأكد من ذلك فليقارن مفرداتها بمفردات خطابات حسن نصر الله أو عبدالملك الحوثي التي تُكتب في طهران بنفس القلم، وسيدرك بعد ذلك أننا أصبحنا نتعامل فعليا مع مندوب جديد للملالي في الخليج. اللافت أن أكثر مفردة رددها الأمير القطري في خطابه كانت «التحريض»، وهو أمر يفسر سبب حالة الخوف والارتباك التي تعتريه، فكاتب الخطاب يعتقد أن أخطر ما يهدد النظام الحاكم في الدوحة هو تحريض الشعب عليه، بل يبدو مقتنعا تماما بأن الشعب القطري يبدي استجابة حقيقية لذلك التحريض، وعليه بات من الضروري أن يتم تحذيره من خطورة هذه الاستجابة وعلى لسان أمير البلاد شخصيا. أطرف ما ورد في خطاب الأمير الخائف برأيي، تلك العبارة التي تنطبق على قطر تماما، ونصها «اعتقد بعض الأشقاء أنهم يعيشون وحدهم في هذا العالم وأن المال يمكنه شراء كل شيء»، فبالمال القطري الأسود تم تدمير عدة دول عربية وتشريد شعوبها في أقطار الأرض، لأن نظام الدوحة المخبول ظن ذات يوم بسذاجة سياسية متناهية أنه يعيش في العالم وحده، وأنه سيحصد في نهاية المطاف مكاسب تاريخية كبرى من دعم وتمويل الفوضى والإرهاب تحت مظلة ما سمي بالربيع العربي، حلم السياسي القطري بأنه سوف يصبح عرابا لمنطقة مدمرة تدين له بالولاء والامتنان، ولكنه استيقظ فجأة وقد تبدد هذا الحلم وارتد عليه، ليدرك أنه حان وقت الحساب وبات لزاما أن يدفع ثمن كل المغامرات الجنونية التي تورط فيها طوال السنوات الماضية. سيظهر الأمير الخائف مرة أخرى، ويلقي كلمة جديدة كلما ضاق الخناق عليه أكثر، لكنه سيدرك في النهاية -إن بقي في حكمه عمر- أن مخرجه الوحيد من هذه الأزمة في الرياض فقط. [email protected]