السلوك القويم الذي يتنافس عليه العقلاء من بني آدم منذ بدء الخليقة لا يتمحور حول سؤال: كيف يموت الإنسان؟ بل: كيف يعيش؟ وكل من يحيد عن التوجيهات الإلهية للجواب على هذا السؤال لا يمكن أن يكون على صراط مستقيم، وفكره لا يعرف الطريق إلى الله، ولا يعترف بتعاليمه السماوية.. وهو فكر ضل الطريق.. وكل فكر -أياً كان- يضل عن طريق الخالق، لا خير فيه. المؤسف، أن الفكر الضال المؤثر يتبنى اسم الدين.. لأنه يراه وسيلة ناجحة لتخدير عقول البسطاء والعامة، وطريقا سهلا لتلفيق الأكاذيب والتفسيرات المضللة والادعاءات الشيطانية دون عناء ليدلس على العالم ويوهم أتباعه بأنهم يجاهدون في سبيل الله. ولا مانع -بالتالي- أن يتبنى اسما لفكره يدل على التقوى والورع؛ وهو كما تدل أفعاله لا يتبع إلا الهوى ولا يعبد إلا الشيطان وحده لا شريك له. والتاريخ خير شاهد. الفكر الضال حين يدخل مجتمعا يُحدث فيه الويلات. واللعنة الكبرى هي أن إخراجه واستئصاله أيضا تصحبه ويلات. لا يوجد فكر إنساني صحيح -ناهيك عن دين إلهي- يمكن أن يؤدي إلى هذه النتائج التي تشهدها مدينة (الموصل) المنكوبة. خرج منها الإرهاب دون حتى أن يواري سوءاته.. وليس أضل من هذا سبيلا. لا يدخل مجتمعا إلا على نغمة حادي الموت، ولا يخرج منه إلا على نفس النغمة. أينما حل، حل معه الخراب والدمار وهتك الإنسانية بكل مفرداتها. وأي فعل يخلو من الإنسانية لا يمكن أن يكون من عند الله.. وأي فكر يسيء لمبدأ إعمار الأرض التي يعيش عليها الإنسان لا يمكن أن يكون من عند الله. وما ليس من عند الله، كله شر خالص. الحرب على الفكر الضال ليست مسؤولية الحكومات وحدها، ولكنها مسؤولية كل فرد في المجتمع، ومسؤولية كل مؤسسة مدنية فيه: المساجد والمدارس والجامعات والأسرة والإعلام.. الكل يجب أن يشترك في مسؤولية تصحيح المسار.. لأن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله يحمّلنا هذه المسؤولية؛ وعبادته سبحانه وتعالى في كل فعل أو فكر، تدعو كل المؤمنين به إلى مكافحة الضلال الذي يخرج عن توجيهات الخالق في إعمار الأرض. [email protected]