حميد كرزاي تولى الحكم في دولة أفغانستان بعد سقوط حركة طالبان الإرهابية بمساعدة أمريكية وتأييد قوات التحالف الشمالي بعد أن وجدت فيه أمريكا الرجل المناسب لتحقيق ما تريد في هذا البلد المطحون، كان على علاقة طيبة مع طالبان متعاطفاً معها ومؤيداً لها، حتى قتلوا والده فانقلب عليهم، لم تشهد أفغانستان طوال فترة حكمه أي استقرار، ولم يفلح في تحقيق أي مصالحة وطنية أو تعزيز مؤسسات الدولة الخارجة من حرب طاحنة، أبطالها أولئك المجرمون من أمراء الحرب الأفغانية الذين نحروا أفغانستان من الوريد إلى الوريد واستباحوه مستخدمين كل الوسائل الدنيئة للقتل والدمار وسفك دماء الأبرياء مؤسسين لجيل جديد من الإرهاب بذوره القاعدة وحركات الإسلام السياسي من الإخوان وجماعات الإرهاب الأخرى الخارجة من عباءتهم والتي تمارس القتل والتدمير باسم الدين. تميز عهده بالفساد والمؤامرات على أرض أفغانستان ولم يستطع أن يحقق لها الأمن المفقود، كما فشل في رسم سياستها الخارجية وتعديل مسارها السياسي على الخارطة الدولية. عاد كرزاي هذا مجدداً للظهور في وسائل الإعلام معرباً عن استيائه من أمريكا متهماً حكومة كابول بالخيانة مندداً بالعملية البطولية التي قامت بها في ولاية قندهار في منطقة تدعى (اتشن) تستخدم كملاجئ وأنفاق ومعابر لمسلحي ومجرمي تنظيم داعش الإرهابي في أفغانستان بإلقائها قنبلة غير نووية لم تلحق أي أذى بالمدنيين العزل، وأدت إلى نسف الكثير من تلك المخابئ وقتل 94 مسلحاً من الدواعش، الذين تجاوزوا بإرهابهم كل التنظيمات المتطرفة في حقدها ومنسوب العنف والتدمير الذي تتعامل به مع المحيط من حولها، مجندين النطيحة والرديئة والفاسق والفاشل من كل أنحاء الأرض. هذه العملية النوعية التي تحسب للرئيس الأمريكي ترمب والتي أسقطت فيها أمريكا قنبلة ضخمة من طراز جي بي يو -43 المعروفة باسم أم القنابل ويطلق عليها اختصارا اسم (مولي) والتي هزت الأرض على محيط عدة كيلومترات تزن عشرة آلاف كيلوجرام، وهي قنبلة غير نووية ولا تشبه بأي حال من الأحوال قنبلة هيروشيما، بل هي قنبلة عادية تأديبية من الترسانة الأمريكية المتجددة استحقتها داعش بكل جدارة، بعد أن استفحل شرها وزادت جرائمها مشوهة كل إنجازات الإنسانية وحضاراتها في خروقات فاحشة فاقت كل أنواع الجرائم وحشية على مدى التاريخ الإنساني من قتل وحرق وغرق وتدمير ممنهج وسبي واغتصاب مارسه مجرمو التنظيم الوحشي باسم الدين وهو منه بريء، فظائع لم يكشف عن بعضها حتى الآن، يكفي ما أحدثوه في العراق وسوريا من تدمير للإنسانية وانتهاك لحقوقها وسبي للنساء واستخدام للصبيان وتكسير للآثار وتغيير لطبيعة الأرض وإفراغ مدن من سكانها وقتلهم جماعة وأفرادا وتطهير عرقي ممنهج مورس على كل الأقليات بطرق خسيسة ودنيئة، وأفعال يندى لها جبين الإنسانية، انتهاكات بدأت تظهر على شكل روايات تاريخية توثق كل أنواع القهر والإذلال والامتهان لمن كرمه الله. إن أم القنابل هي قليلة في حق الدواعش لقاء ما اقترفوه في حق الإنسانية، أحرقوا بنار حقدهم وغلهم الوجه الناصع للإسلام وأساؤوا إليه وإلى أتباعه في كل مكان. حتى الأماكن المقدسة في مكةالمكرمة والمدينة المنورة لم تسلم من خططهم الشيطانية وتجنيد كلابهم من الدواعش المارقين لقتل الآمنين والعابدين من زوار الحرمين الشريفين وتفجير قنابل حقدهم غير مبالين بحرمة الشهور ولا حرمة الدماء وعصمتها. لا أدري بأي حق يتكلم «الكرزاي» وينتقد أمريكا في حربها العادلة على الإرهاب، نسي أن وطنه تمكن منه الدواعش وأن ولاية خراسان قد انتزعت من قبلهم وأنهم يسيطرون على الكثير من المدن والقرى في شرق أفغانستان يشهرون راية القتل والتفجير على بلد مازال يصارع من أجل البقاء، وما ضحايا مجزرة الحي الدبلوماسي المائة من المدنيين في شهر رمضان إلا شهادة بجرم هؤلاء. لايختلف عن كرزاي في شططه إلا أولئك الذين ثاروا على المسلسل الهادف (غرابيب سود) وانتقدوه لأنه فضح ممارسات داعش وأفعالهم الدنيئة، وكأن داعش يمثل الإسلام الحقيقي، واتكأوا على عكاز العاجزين دون بينة أو دليل بأن المسلسل يهاجم المذهب السني وأنه يقصد شيوخاً بعينهم وأنه يسيء إلى الإسلام، هذه الأسطوانة التي مللنا سماعها لم تعد تنطلي على العقلاء من أهل الحق والعدل، فهذا المسلسل عُرض في وقته وفند أعمالهم الباطلة البعيدة عن الإسلام ورحمته، ما أحوجنا إلى الفكر الجاد المخلص لمحاربة الفكر الضال الممنهج في تطرفه، فليبارك الرحمن كل عمل عسكري وفكري يفضح ممارسات الدواعش ومن والاهم وليمكن الله للماكينة العسكرية والفكرية من قطع دابرهم فهم ليسوا من الإسلام في شيء، إنهم همج واجبنا أن نحاربهم عسكرياً وفكرياً بعيداً عن العواطف والأهواء واللف والدوران ولتخرس ألسنة كل المتعاطفين مع الدواعش.