في كل عام يكثر السؤال عن حكم إخراج زكاة الفطر نقدا بدلا عن الطعام، في حين يذهب سائلون آخرون إلى السؤال عن حكم توكيل الجمعيات الخيرية لإخراج الزكاة عن المزكين وإيصالها إلى الفقراء بدلا من الطرق التقليدية التي اعتاد الناس عليها في شراء أكياس الأرز وإيصالها إلى منازل المستحقين، إلا أن أكثر القضايا إلحاحا وإثارة للأسئلة هي إخراج النقود بدلا عن الطعام، وفي ذات الوقت يبرز اختلاف واضح بين العلماء ما بين مجيز ومانع على الإطلاق ومجيز بشروط معينة. لا يجوز نقدا ويرى مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن إخراج زكاة الفطر نقدا لا يجوز لعدم ورود حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يجيز ذلك، كما لم يعمل بذلك خلفاؤه الراشدون من بعده رغم توافر الأموال في أيديهم زمن الفتوحات الإسلامية. كما يقف عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان في صف عدم الجواز المطلق لإخراج زكاة الفطر نقدا، وقال: «صدقة الفطر بينها الرسول عليه الصلاة والسلام بيانا واضحا، وهي صاع من بر أو شعير أو تمر أو زبيب أو إقط، لأن هذه الأطعمة التي كانت موجودة على عهد الرسول عند البادية والحاضرة، فإذا جاءت أطعمة أخرى تحل محلها تخرج منها، لأن في الحديث صاع من طعام، وهو طعام البلد، أما النقود فالنبي لم يأمر بها مع أنها كانت موجودة في عهده، لماذا عدل عنها وأمر بصاع من طعام؟، فنحن نتقيد بما جاء في الحديث ولا علينا ممن قال أو أفتى بغير ذلك ما دام مخالفا لنص حديث الرسول». يجوز نقدا أما المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم الشيخ الدكتور خالد المصلح فيرى جواز إخراجها نقدا للمصلحة، رغم أن الأصل فيها إخراجها طعاما للأحاديث الواردة في هذا الشأن. وبين أن هناك ثلاثة أقوال في هذه المسألة؛ أحدها عدم الجواز، وهو رأي أئمة المذاهب المشهورة ما عدا الأحناف، والثاني جواز إخراجها نقدا، وهو رأي الأحناف ووجه في مذهب الشافعي ورواية في مذهب ابن حنبل، والقول الثالث جواز إخراجها نقدا للحاجة والمصلحة، ومن ذلك حصول مصلحة إغناء الفقير بالنقود يكون أبلغ. لا إشكال فيه من جانبه، أكد أستاذ الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء الدكتور هشام بن عبدالملك آل الشيخ أن إخراج القيمة بالأوراق النقدية المتداولة حاليا في زكاة الفطر بما يساوي قيمة الصاع جائز ولا إشكال فيه. وأوضح أن إخراج القيمة في زكاة الفطر مذهب قديم للسلف، خصوصا أنه لم يرد نص صحيح صريح في تحريم دفع القيمة، والنصوص الواردة في أصناف معينة لا تفيد تحريم ما عداها، بل رأى كثير من الصحابة في عهد معاوية بن أبي سفيان أن نصف صاع من سمراء الشام يعادل قيمة الصاع من التمر أو الشعير، وهو ما حمل عليه كتاب عمر بن عبدالعزيز رحمه الله. المفتي يحذر: لا تعطوها لعصابات المتسولين حذر مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ من إعطاء زكاة الفطر للمتسولين في الطرقات والإشارات والتهاون في إعطائها من لا يستحقها، إذ إن هؤلاء عصابة تأخذها وتبيعها بسعر أقل ويتم تدويرها بهذه الطريقة بين الباعة والمتسولين. وأجاز آل الشيخ إعطاءها للفقير المستحق مباشرة أو بالتوكيل، مشيرا إلى أفضيلة إخراجها في البلد الذي يعيش فيه المسلم. كبير مفتي دبي: لا بأس من إخراج القيمة أكد كبير المفتين في دبي مدير دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري الدكتور أحمد الحداد أن «الأصل في إخراج الزكاة مقدار صاع من الطعام، من قوت البلد، ويجوز وتجزئ لو أخرجت بما يساوي قيمة الصاع بالنقود الورقية المتداولة حالياً، وذلك للأدلة الكثيرة الواردة في جواز دفع القيمة في صدقة الفطر، ولأن بدفع القيمة تتحقق الحكمة من إخراجها وهي: طهرة للصائم من اللغو والرفث، وإغناء للمساكين يوم العيد». وأضاف: «من المعلوم أن إغناء الفقراء والمساكين بالمال أحبّ لهم من إغنائهم بالأطعمة الكثيرة التي تزيد على حاجتهم وتفيض، وربما تتلف أو ترمى، وربما يعمد بعضهم لبيعها ليحصل على المال. وإخراج القيمة بدل الطعام مذهب جماعة من الصحابة وجمع من التابعين ومن بعدهم من أئمة المذاهب، والأظهر في هذا أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه، وأما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل فلا بأس به». «الشؤون الإسلامية» ل عكاظ: لا عشوائية أكدت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ل «عكاظ»أن جمع زكاة الفطر عند المساجد خاضع للنظام ولا عشوائية فيه، إذ تشترط الوزارة موافقتها للسماح للمساجد بهذا النشاط. وأوضح وكيل الوزارة لشؤون المساجد الشيخ عازب آل مسبل أن المساجد يجب أن ترفع لفروع الوزارة بطلبات استقبال زكاة الفطر تمهيدا لأخذ الموافقة على ذلك وتسهيلا لجماعة المسجد تحت إشراف إداراتها. توزيعها لغير المستحقين لا يبرئ الذمة حذر عضو هيئة كبار العلماء المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبدالله المنيع من عدم التزام المزكين بإخراج زكاة الفطر في موعدها أو إعطائها لغير مستحقيها، مشيرا ل «عكاظ» إلى أن إعطاءها لغير المستحقين لا يبرئ الذمة وتعتبر صدقة من الصدقات. كما استنكر عضو هيئة كبار العلماء المستشار في الديوان الملكي الشيخ الدكتور عبدالله المطلق تصرف بعض المتساهلين في توزيع الزكاة، مبينا ل «عكاظ» أن «هؤلاء يجتهدون في جمع المال ولا يجتهدون في توزيع زكاتهم وهذا العمل خطأ». وقال: على المسلم أن يجتهد في إيصال الزكاة إلى مستحقيها ويتحراهم، وهذا المال الذي شرفهم الله به لا بد أن يجتهدوا ويبحثوا عن أهله المستحقين له، وما يفعله بعض الإخوة من التسرع في توزيعها على الذين يسألون الناس في المساجد وقد تبين أن بعضهم أغنياء، فهذا من الخطأ ومن الكسل الذي يدفعهم لذلك. وأضاف: الإنسان إذا كانت لديه زكاة عليه أن يبحث عن المستحق ويجتهد، فكلما وضعت الزكاة في موضعها كان ذلك أبرأ للذمة وأكثر للأجر.