كل ليلة بعد أن ينتهي المسلسل الرائع «غرابيب سود» أعمد إلى تويتر لأرى بأم عيني الصراخ، والعويل وكأني أطل على مشهد حقيقي من جحيم دانتي. يتلظى المشاهدون الذين يدّعون مقاطعتهم لقنوات إم بي سي كل ليلة، بعد أن يشاهدوا المسلسل خلسة، على جحيم الحقائق المخزية لهذا التنظيم المسخ الذي لا ينتمي إلينا، ويود الأفاقون من إعلام معاد ومعهم الدواعش الحقيقيون والمتخفون إلصاقه بنا، رغما عنا. فيدندنون على نغم الطائفية بذكر السنة والشيعة، ويستدلون بخزعبلات تتعلق بكواليس المسلسل، فيصرخون: الفنان الذي أدى دور فلان شيعي والمنتج الفلاني شيعي و و... وكأن انطوان كوين الذي أدى دور عمر المختار بروعة منقطعة النظير أسلم وحسن إسلامه! المحاربون بضراوة لهذا المسلسل من كل بحر قطرة أو قطران يقودهم إعلام معاد لنا منذ عقدين من الزمن، اجتمعوا على نقد المسلسل بفجور يصل إلى التشكيك في إعلامنا وهويته الدينية والوطنية، ويجعلك تتخيل أنهم ينقدون مسلسلا آخر غير «غرابيب سود» الذي بدا عميقا من عنوانه، ويتناول تنظيم داعش الإرهابي بإجماع العالمين. إنهم بحربهم على غرابيب سود يخوضون آخر معاركهم المتخفية، ولن تكون آخر معاركهم الخائفة التي بدأت منذ 20 عاما علينا وعلى إعلامنا الذي لا يستقطب المؤدلجين، ويحارب كل ما يفرق. كنت أظن قبل هذا المسلسل أنه لا يوجد مغرر بهم، لكن المسلسل قدم لي على طبق من دراما حقيقة مؤلمة غير حقائق حياة التنظيم (داعش)، وهي أن هناك كما من المغرر بهم، ويسهل عليهم أن يمشوا وراء الزمار، حتى لو جاءت امرأة من أقصى العالم حاسرة عن رأسها تسعى وتتكلم عن الإسلام وتصفية الحسابات والدراما لهرول وراءها «الفرافير» مثل قطيع فئران مشى ذات ليلة وراء زمار أخرجهم من المدينة. المغرر بهم في هذه الحملة قطيع مسكين يهب لنجدة السنة، دون أن يهب لنجدة المسلمين والمستضعفين، فيتوعد القناة التي تعرض الحقائق بلا زيف بالويل والثبور. أما من يذكي نار هذا الوعيد هم المؤدلجون على اختلاف مشاربهم، وذلك بنقد أخرق يجعلك تكتشف أبعاد تلك الحملة التي تقام ضد مسلسل جبار لم يعر حقيقة داعش فقط، بل قام بتعرية ما تضمره نفوس البعض. غرابيب سود ليس مسلسلا عاديا، بل مصيدة ووثيقة درامية ستبقى للتاريخ.. شاء من شاء وأبى من أبى. [email protected]