اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي منتصف هذا الأسبوع باتفاقية توصيل شراب «السوبيا» بين شركته المنتجة وبين شركة «توصيل» إحدى الشركات الناشئة بوادي مكة للتقنية التابعة لجامعة أم القرى بمكةالمكرمة. في خضم انشغال الرأي العام بالخبر، سواء في الصحافة الورقية أو الإلكترونية، لم يصدر من الجامعة أي توضيح تنفيذا لتوجيهات الالتزام بالشفافية والتعاطي مع الإعلام وسرعة الرد على ما يثار فيه، كلما صدر كان استنكارا من مدير العلاقات العامة والإعلام بشركة وادي مكة للأخبار المغلوطة التي تداولها هاشتاق # جامعة أم القرى توصل السوبيا، وأن الأولى أخذ المعلومات الصحيحة من مصدرها لتفسيرها بالشكل الصحيح (المدينة، 3 رمضان) المعلومات الصحيحة، حسب توضيح سعادته، أن الجامعة ليست طرفا في الاتفاقية، لأنها بين شركة توصيل والشركة المنتجة للشراب، مع أن شركة توصيل هذه تتبع وادي مكة، وهذه بدورها ملك لجامعة أم القرى، ولو افترضنا أن العلاقة غير مباشرة مع الجامعة، فما تفسير حضور معالي مديرها وسعادة وكيليه حفل التوقيع، لا أظن أن تفسير تشجيع الشباب كرواد أعمال كاف هنا، ولا حتى اعتساف القول إن فكرة «توصيل» هي إحدى مخرجات البحث العلمي بالجامعة، فقط لأنها خرجت من مركز الابتكار التقني بالجامعة. وأضاف مدير العلاقات العامة حرفيا: «تأسف الجامعة من نشر هذه الأخبار المغلوطة» فهل يتحدث سعادته هنا باسم الجامعة أم باسم شركته، كحسن ظن أقول إنه تحدث باسم الجامعة، برغم وجود متحدث باسمها، عندما طال انتظاره مثلي لتوضيح منها. معروف أن شركة وادي مكة للتقنية واحدة من أفضل مخرجات جامعة أم القرى كشركة استثمارية وكمنصة للشركات الابتكارية الناشئة، ولها مبادرات متعددة، وإن كنا ننتظر المزيد لمواكبة التطلعات والتوقعات، كارتباطها بالمنتجات التقنية الحديثة وتسخيرها في عمليات استثمارية تشجيعا لإنشاء شركات شبابية تهتم بالتقنية إنتاجا أولا ثم استثمارا، لا مجرد متاجرة في سلع نمطية. لم يكن مناسبا التمسح بأهداف الشركة المشرقة، أو حتى بأهداف رؤية 2030 العميقة لتبرير توصيل شراب سوبيا. كذلك معروف أن الشركة المنتجة للشراب، وهو شراب محبوب مطلوب، وإن كان موسميا، ليست شركة ناشئة بل لها عشرات السنين تخدم مكة ومعظم مدن المملكة، وهدف شركة وادي مكة الأساس الشركات الناشئة المتعاطية مع التقنية المشابهة لوادي السليكون في ولاية كاليفورنيا المعروف عالميا، فإن قيل إن الشركة المنتجة للشراب لم تشكل كشركة إلا حديثا، فهي شركة مدة نشاطها محدودة بشهر واحد في العام لا يستحق هذا الجهد؟ كثيرون استكثروا أن يرتبط اسم الجامعة التي تحمل شعار «اقرأ» وتوصل العلم لطلابه بعملية توصيل شراب، وتساءلوا لماذا لم يكن «توصيل» لماء زمزم مثلا؟ كان يمكن الاتفاق مع رئاسة الحرمين الشريفين، فإن قيل إنها مؤسسة حكومية وليست شركة، مع أن هذا لا يمنع، كان يمكن «ابتكار» شركة غير ربحية لتوزيع مياه زمزم داخليا وخارجيا برسوم رمزية تغطي تكاليف إنشاء وإدارة الشركة، وأعتقد أن شركة توصيل يمكنها القيام بالمهمة لو فكرت خارج الصندوق، فتحظى هي والجامعة بدعاء المسلمين طوال العام وليس شهرا واحدا فقط.