إذا كان انعدام أو قلّة المعرفة بالثقافة القانونية مصيبة فإن المصيبة الأعظم هي أن لا يعرف الإعلام بذلك! يكاد يكون الإعلام المؤثر الرئيسي في المجتمعات، وكما نعرف أنه «السلطة الرابعة»، لقوة تأثيره ولكن ما يحدث باسمه حاليا من عبث وانعدام للمهنية لا يعدو عن كونه سَلَطة! وفي كل الحالات لا تختلف قوة تأثيره إن كان بشكله القديم (صحف وإذاعة وتلفزيون) أو كان بشكله الحديث (مواقع التواصل الاجتماعي) التي هي اليوم الوسيلة الأولى للإعلام والتواصل، مع انتشار هذا الكم من الحسابات الإخبارية وحسابات بعض الصحف والإعلانات التي تفتقد لصحة المعلومات أصلاً ناهيك عن العبث القانوني الحاصل فيها! العشوائية في نقل الأخبار والتي بعضها يكون بحسابات رسمية مع بالغ الأسف نشاهده بشكل يومي ولا يكون بيد القانوني إلا محاولة التصحيح دون جدوى، ودون التفات من عامة الناس لهذا النوع من التصحيح الذي يراه الكثير منهم فلسفة أو ربما تعقيد قانوني! المشكلة الحقيقية في أننا لم نع بعد ماهو دور الإعلام في المجتمع أو ربما لم نع أهمية التصحيح القانوني للأخبار الإعلامية وفي كلتا الحالتين نحن نعاني من نقص وعي لا يتناسب مع رؤية 2030 التي نسعى لها اليوم! ينظم بعض الزملاء من المحامين والقانونيين دورات تثقيفية «غير ملزمة» للوسط الإعلامي، ورغم سعيهم إلى ذلك فإن حضور هذا النوع من الدورات التثقيفية يقتصر على القليل من الإعلاميين الذين يعون أهمية إحاطة الإعلامي بخلفية قانونية تؤهله للعمل في الإعلام! لن أزيد باستعراض مشكلة الإعلام التي تحتاج لعلاج جذري لدينا، إلا أن أقول إننا ننتظر تعاون وزارة الثقافة والإعلام بشكل مباشر مع وزارة العدل فيكون نتاج هذا التعاون هو تنظيم دورات توعية قانونية «مُلزمة» للإعلاميين وتعيين قانونيين مؤهلين في كل شركة أو مؤسسة إعلامية يكون هذا الأخير إلزاماً عليهم لتدقيق وتصحيح ما يتم نشره عن طريق هذه المؤسسات أو الجهات وبهذا نكون ساهمنا في رفع الوعي القانوني في المجتمع وفتحنا باب عمل جديدا للقانونيين السعوديين الذين يبحثون عن فرص للعمل. إن الوعي القانوني لا يكون بشكل مباشر فلو كان بهذه الطريقة لما تقدمت ثقافة المجتمعات يوماً! ثقافة المجتمعات تتطور حين يقرأون أو يُلقى على أسماعهم خبر مصاغ بطريقة صحيحة فترتفع المعرفة مع كل خبر دون أن يشعر أحدنا بذلك. ربطت في مقالي هذا بين موضوعي الذي طرحته وبين رؤية 2030 والتي هي من وجهة نظري تعتمد بشكل رئيسي على وعي المجتمع سواء الوعي الاقتصادي أو الإعلامي أو القانوني ويعرف هذا من يستمع لحديث ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن الرؤية وأهدافها والتي تعتمد بشكل أساسي على الإعلام! فكيف لنا أن نحقق رؤية تسعى إلى تغيير المجتمع بكافة مجالاته إن لم نلتفت لأهم عنصر من عناصرها وهو الإعلام وإيقاف هذا العبث الذي يحدث باسمه. [email protected]