ALOKEMEabdualrh@ لن يرحل اسم الشاعر الكبير محمد الثبيتي من ذاكرة عشاق الكلمة والقصيدة المجنحة، فهو لم يزل مغروسا في قلوب محبيه وعشاق كلماته الخالدة، مضى «سيد البيد» ليترك سيرة شعرية حافلة وتجربة حداثية لن تتكرر في مشهدنا الثقافي، وها هو «الرمضان السابع» يمر ووجهه غائبا عن أسرته الصغيرة، عن أهله وعن أبنائه، فهو كان شديد الحرص على الإفطار معهم، وهو الذي عاش يتيما بعد فقد والديه في سن مبكرة، كذلك لم يكن لديه أشقاء أو إخوة. ابنه نزار الثبيتي قال ل«عكاظ» وهو يسترجع اللحظات المورقة التي عاشها والده الشاعر الكبير «كانت بساطته وتلقائيته تترك لدي التساؤلات خصوصا أنني كنت أشاهد وأتابع الاحتفاء الإعلامي والصحفي بتجربته وبنتاجه الشعري وبالاهتمام الكبير من النقاد والكتاب، لكن كل ذلك لم يزده إلا بساطة وعفوية، وكان يمازحنا بأن النقاد هكذا يحتفون دون مبررات»، مشيرا إلى أن سمة التواضع الكبيرة مدهشة بالنسبة له. ويضيف نزار: «كنا نجتمع مثل كل أسرة حيث منزلنا في مكةالمكرمة، وكان عاشقا للقراءة والكتاب ولمكتبته، وكان أقرب أصدقائه رجاءالله الثبيتي وكذلك الشاعر عبدالله الصيخان، وكانا يترددان دائما عليه، فهما صديقان وفيان له يرحمه الله». ويؤكد حرص والده على البقاء والجلوس مع أسرته على مائدة الإفطار حتى وقت صلاة العشاء، وبعد الصلاة يعود لغرفته ومكتبه يقضي الساعات بين كتبه ويأتي إليه الأصدقاء لزيارته، مستدركا «لكن القصيدة لا تفارقه ولطالما ردد أمامنا مقاطع من قصيدة بوابة الريح: أبحرت تهوي إلى الأعماق قافيتي ويرتقي في حبال الريح تسبيحي مزمَّلٌ فِي ثِيَابِ النُّورِ مُنْتَبِذٌ تِلْقَاءَ مَكَّةَ أَتْلُو آيَةَ الرُّوحِ وغيرها من القصائد الأخرى ويسترجع نزار بيت شعر شارد عاتب به صديقا له انقطع بقوله: (إذا كان الصيام دعاك يوماً إلى هجراننا.. فلم الصيام).. وأرسل هذا البيت إلى ذلك الصديق معاتبا إياه بعد انقطاعه عن الاتصال. ويضيف نزار: إن قصائد والده كانت محل نقاش واستمتاع داخل المنزل وأحيانا تتم مناقشته عن بعض الأبيات. وكانت دواوينه الشعرية: تهجيت حلما.. تهجيت وهما وعاشقة الزمن الوردي والديوان الأهم في تجربته التضاريس جميعها كانت شكلت له تجربته العريضة. لكن المتتبع للرحلة الإبداعية لسيد البيد يجد أن قصائده الأخيرة على وجه التحديد أي قبل رحيله بعامين تقريبا جاءت مبتهلة لله عز وجل ومستمدة بوحها من مكان له عبقريته الخاصة وله نورانيته المضيئة في أقدس الأمكنة مكةالمكرمة، لتأتي مترعة بالحضور الروحاني الكبير، فمن قصيدة «بوابة الريح» التي جاءت بلغة التسبيح والابتهال إلى قصيدة «الرقية المكية» التي يجيء هائما فيها بالمكان المقدس حيث أم القرى وكل التفاصيل المبهجة بمكةالمكرمة يقول «صبحتها والخير في أسمائها مسيتها والنور ملء سمائها حبيتها بجلالها.. وكمالها.. وبميمها.. وبكافها.. وبهائها»، ويقول «وغمرت نفسي في أقاصي ليلها فخرجت مبتلا بفيض بهائها».