ماذا نعني بقولنا هذا مواطن صالح وهذا مواطن غير صالح؟ ما المقصود بمصطلح: الوطنية؟ هل الوطنية هي مادة تُدرَّس في المدرسة؟ هل هي يوم يحتفل فيه «المواطنون» بالوطن؟ ما الذي يجعلني أو لا يجعلني «مواطناً»؟! هل هي هذه القطعة البلاستيكية التي تحتوي على صورتي وتاريخ ميلادي؟! أم لون جواز السفر؟! في خطابه التنصيبي بالرئاسة، في عام 1962 ميلادي، أطلق الرئيس جون كينيدي مقولته الشهيرة: «لا تسأل عن الشّيء الذي ستقدمه لك دولتك، بل اسأل عن الشّيء الذي ستقدمه أنت لدولتك» وهي مقولة ذكية تجمع بين حقوق وواجبات المواطنة (مع كونها تركّز على الواجبات وربطها بتنمية حسّ المواطنة لدى الناس). أعلنت الهيئة العامة للإحصاء، أخيرا، أن عدد السكان في المملكة تعدى 31 مليون نسمة، وأن عدد المواطنين فيهم يصل إلى 21 مليون نسمة. دعونا نسبح بالزمن إلى العام 2030، ونتخيّل الآتي: ماذا لو تمت إضافة أسبوع في السنة يُسمّى «أسبوع التطوّع»، حيث يتطوّع كل مواطن (في السادس من العمر فما فوق) بأسبوع للعمل التطوّعي لخدمة المجتمع؟! تخيّل أن يقوم «محمد» ابن الثمانية أعوام، وأحد الطلبة المتفوقين في مادة الرياضيات، بتسخير وقته في هذا الأسبوع لمساعدة بعض زملائه الأقل حظا في مادة الرياضيات في فهم بعض الدروس التي أخذوها أخيرا. تخيّل لو سخّرت «فاطمة» الطالبة في الصف الثالث المتوسط، هذا الأسبوع، لمساعدة مدرسات حضانة الأطفال في الحي الذي تسكن فيه، والانتباه للأطفال في الحضانة. وماذا لو قام «عمر» ابن الثمانية عشر ربيعا بتسخير هذا الأسبوع لمساعدة أمام المسجد في حلقة تحفيظ القرآن؟ وتخيّل لو قامت «حصّة» ربة المنزل بإعداد وجبات طعام الغداء لفقراء الحي في هذا الأسبوع. وماذا لو قام «سهيل» استشاري الجراحة العامة بتسخير هذا الأسبوع لإجراء عمليات جراحية في أحد المستشفيات الخاصة بالمجّان؟ لو افترضنا أن عدد المواطنين الذين سيشاركون في هذا الأسبوع التطوّعي، هو 16 مليون نسمة، ولو افترضنا أن معدل عدد الساعات التطوعية في الأسبوع سيصل إلى 40 ساعة في الأسبوع، إذاً سننتهي بفترة ستصل إلى قرابة 73 سنة من العمل التطوعي! أضف إلى ذلك الهدف الأسمى الذي سنصل له و هو تحقيق اللحمة الوطنية والمعنى الحقيقي للمواطنة. ما المانع من أن تكون فكرة «الأسبوع التطوعي» التي تخيلناها عام 2030، حقيقة ملموسة على أرض الواقع نراها في العام 2017. * مدير عام المركز السعودي لسلامة المرضى