تصويت الفرنسيين اليوم (الأحد) ليس لانتخاب رئيس جديد للجمهورية الفرنسية، بل لتحديد مصيرين؛ الاتحاد الأوروبي، والجمهورية الفرنسية التي تقوم على أسس الثورة الفرنسية لجهة الانفتاح وحقوق الإنسان. عندما سيختار الفرنسيون بين إيمانويل ماكرون وماري لوبان فهم لا يميزون شخصا على آخر بقدر ما يختارون بين منطقين ومنهجين متناقضين؛ الأول يمثله ماكرون الانفتاحي والمنحاز للاتحاد الأوروبي ومساره التوحيدي على صعيد القارة العجوز، والثاني مثار الانعزال والتقوقع والعنصرية التي تمثله ماري لوبان ممثلة اليمين المتطرف. للمرة الأولى تخاض الانتخابات الرئاسية الفرنسية بمسار إستراتيجي لا يعني فرنسا وحسب بقدر ما يعني أوروبا كلها وخلفها العالم. على الورق ووفقا للحسابات يبدو أن ماكرون أقرب إلى الفوز من لوبان، خصوصا بعدما أعلنت الأحزاب الفرنسية بمعظمها اليمين واليسار تأييده في هذه المواجهة، إضافة إلى أن الشعب الفرنسي ينظر إلى ماكرون على أنه القادر دون غيره من القيادات الفرنسية، على فتح نافذة إلى المستقبل تأخذ فرنسا إلى عهد جديد قد يحمل حلولا للكثير من المشاكل في البنية الاقتصادية وفي الحفاظ على الإنجاز الأوروبي والذي يعتبر حلم فرنسا الأول أكثر من أي دولة أوروبية أخرى. حسابات الورق جعلت ماكرون ومعه الرئيس الحالي فرنسوا هولاند يقلقان على النتيجة خوفا من تراخي الناخب الفرنسي، إذا اعتبر أن فوز ماكرون محسوم، وهو مادفع الجميع إلى التحرك ودفع الناخبين للتوجه إلى صندوق الاقتراع لحسم الأمر وللتأكيد على الرسالة الفرنسية للعالم عبر التاريخ. المناظرة الأخيرة أظهرت ماكرون في موقع القادر على هزيمة لوبان، إذ إنه الأكثر إقناعا بالنسبة للفرنسيين، وعليه تبدو الأمور ممهدة أمام المرشح الشاب الذي سيكون علامة فارقة في تاريخ فرنسا وقصر الإليزيه، فمعه ستعود الحياة إلى الاتحاد الأوروبي وإلى فرنسا كدولة صانعة قرار في العالم. الفرنسيون اليوم سيصوتون باسم أوروبا كل أوروبا وشعوبها، والساعة في القارة العجوز ستضبط على التوقيت الفرنسي.