في استفتاء عام طريف عن أبهج اللحظات في حياة الناس، ظهر أن الناس توجد في حياتهم لحظات كثيرة بهيجة، حتى وإن كانوا غالبا لا يقيمون لها وزنا ولا يحمدونها. من تلك اللحظات الفواحة بالبهجة ذكرت لحظات مثل الشعور بدبيب العافية بعد المرض، والوقوع في الحب، والانتهاء من أداء آخر امتحان، والاستيقاظ من النوم واكتشاف أن الوقت ما زال مبكرا وأن بالإمكان النوم دقائق إضافية، وتسليم مشروع شاق استغرق إنجازه زمنا طويلا، ومنها كذلك عندما يكون الإنسان وحيدا فيتلقى مكالمة ممن يحب، أوعندما ينظر إلى شخص يحبه فيجده هو أيضا ينظر إليه، أو حين يكون في مأزق ويكتشف أن هناك من يهمه أمره ويقلق من أجله. من يتأمل تلك اللحظات البسيطة المملوءة بالبهجة، يلحظ أن حياة الناس، مهما ساءت، فإنها لا تخلو من لحظات بهجة تبعث على الراحة والانشراح. وهي لحظات أكثرها، إن لم تكن كلها، متاحة لكل أحد على الأغلب، فهي ليست لحظات مربوطة بكثرة مال ولا بقوة جاه ولا برفعة مكانة، ولا حتى بالصحة أو الشباب والفتوة، وإنما هي لحظات يمكن أن يمر بها أي إنسان ويعيشها مستمتعا بها، مهما كان وضعه الاجتماعي أو الاقتصادي. من رحمة الله بعباده أن جعل من طبيعة النفس البشرية، أن تسعد بأشياء بسيطة، تماما كما تشقى بأشياء بسيطة، وكما أن كلمة قاسية عابرة كفيلة بأن تبعث في النفس الانقباض والتجهم، فإنه في المقابل، كلمة حلوة عابرة بإمكانها أن تفعل فعل السحر في جلب الانشراح والبهجة إلى النفس المنقبضة. فما يدخل البهجة إلى قلوبنا، أو يبعث الراحة في صدورنا، أو يرسم البسمة على وجوهنا، ليس بالضرورة أن يكون أمرا كبيرا صعب المنال، هناك في الحياة أشياء كثيرة بسيطة عابرة، لا تكلف كثيرا وقد لا تكلف شيئا البتة، لكنها باستطاعتها أن تنعشنا وتنشر نشوة السعادة في صدورنا. قياسا على تلك اللحظات، هناك أوقات بهيجة كثيرة في حياتنا، وكل ما نحتاج إليه هو أن نتنبه لها، وأن نحمد الله أن أتاح لنا التمتع بها. لو فعل الناس ذلك، لربما أمحت من فوق ألسنتهم عبارات التأفف والتضجر التي يرددونها شاكين من جفاف الحياة وبرودتها، ونعموا بابتسامة تضيء قسماتهم المتجهمة. فالابتسام طاقة محركة تسري قوتها في الروح، ويتسلل دفؤها إلى القلب فتستيقظ داخله حمامات السلام والرضا.