يقف العالم في العام 2017 أمام أنماط جديدة من الإرهاب الذي يمارسه «داعش» من جهة، والإرهاب الذي تصدره إيران إلى المنطقة من جهة أخرى، لكن العالم يبدو منشغلا أكثر في إرهاب الدواعش الذي أخذ في العام الماضي نمطا جديدا عبر تحريكه ل «الذئاب المنفردة» في فرنسا وألمانيا والأردن وتركيا وبلدان أخرى. خبراء عسكريون ومحللون أجمعوا على أن نهاية تنظيم «داعش» الإرهابي، قد تكون في النصف الأول من العام 2017، ويؤشر هؤلاء الخبراء على ذلك، بما يتكبده التنظيم من خسائر عسكرية، وتنازله عن عشرات المناطق التي كان يسيطر عليها في سورية والعراق، في ظل تحولات دولية وتقارب روسي أمريكي، وتحرك كردي واضح. ورأوا أن ذلك يتزامن مع إشارات بأن «داعش» الإرهابي مخترق استخباراتيا، إلى جانب تخبط إدارته للمعارك، وقد يكون مؤدى ذلك بداية إنهاء وجود التنظيم الإرهابي في سورية والعراق. لكن ما الذي يمكن للعالم أن يفعله في حال هروب عناصر «داعش» وعودتهم إلى بلدانهم؟ الدول الأوروبية استعدت لهذا الأمر وهي تتوقع عودة الآلاف من الدواعش إليها، وهي ذات الاستعدادات التي اتخذتها الدول العربية التي تعلمت درسا من قضية عودة الأفغان العرب العام 1990، بعد مشاركتهم في القتال في أفغانستان خلال فترة الثمانينات؛ إذ استطاع بعضهم تشكيل مجموعة من التنظيمات الإرهابية بعد عودتهم لاحقا، ما شكل عبئا أمنيا، وأفرزوا أجيالا جديدة تحمل فكرا متطرفا، وقادة جددا تولوا قيادة تنظيمات إرهابية. الإرهاب الجديد الذي ستمارسه «داعش» بعد هزيمتها في الموصل والرقة سيعتمد على «الذئاب المنفردة» التي تختار تنفيذ العمليات في التجمعات البشرية هي من أخطر وأعقد العمليات التي تربك الأجهزة الأمنية من ناحية صعوبة السيطرة على الموقف من جهة ولصعوبة معرفة عدد هذه الذئاب وأين تتحرك من جهة أخرى. إذن العالم سيواجه ذئاب «داعش» المنفردة في العام 2017 وهي معركة أخطر بكثير من معارك المواجهة العسكرية. ومع أن العالم يعمل الآن على مواجهة هذه الذئاب إلا أن إرهابا آخر بدأ بالظهور إلى واجهة الأعمال الإرهابية وهو ما تحضره إيران للمنطقة من خلال أذرعها في العراق وسورية ولبنان واليمن ولعل أبرز وجوه هذا الإرهاب ما يتمثل بالحشد الشعبي الذي بات يهدد بالانتشار إلى ما هو أبعد من العراق. لقد استغلت إيران الحرب على الإرهاب كذريعة أساسية لما يسمى الحشد الشعبي، والتي لا تمثل سوى ميليشيات شيعية مسلحة تنفذ خطة حيكت خيوطها بتوجيهات القابعين في طهران، بما ينسجم مع المخططات الإيرانية، إذ تتبنى نهجا تدميريا يسعى للتطهير العرقي للمناطق ذات الأغلبية السنية، وما يجري في العراق أبرز دليل على الأهداف الإيرانية. إن الميليشيات التي تشكل «الحشد» ذات الصبغة الطائفية بالولاء لطهران التي تؤمن لها الدعم المالي واللوجستي إلى جانب التسليح والتدريب تجاهر بالحرب الطائفية التي تمارسها تحت سلطة الحكومة العراقية التي تلتزم الصمت حيال جرائم الحشد، بل وتقدم له الغطاء الرسمي عندما اعتبرت الحشد أحد أذرع القوات العسكرية العراقية. في العام 2017 على عواصم القرار الدولي وضع حد للتصرفات الطائفية البغيضة التي تمارسها ميليشيا الحشد بدعم من إيران قبل أن تتحول هذه الميليشيا إلى «ذئاب مسعورة» لا تقل خطورة عن «ذئاب داعش المنفردة».