خلال المناظرة الأولى في الحملة الانتخابية بين ترامب والمرشحة هيلاري، قال دونالد ترمب إن 30 ألف جندي أمريكي قادرون على إلحاق الهزيمة ب«داعش»، وطوال الحملة الانتخابية كان خطاب ترمب حيال العراق يعتمد على القوة العسكرية وتعزيز التواجد العسكري فيما يبدو أنه مساره الرئيس الجديد. ولطالما زاوج ترمب بين الحالة الأمنية في العراق وانعكاساتها الاقتصادية على الولاياتالمتحدة، الأمر الذي يوحي بإعادة ترتيب سلم الأولويات في العراق وفق ما يُملئ السلة الأمريكية ماليا وأمنيا معا. يميل ترامب حسب ظهوره الإعلامي وطريقة تفكيره الجامحة منذ بداية الحملة الانتخابية، إلى منطق الدولة القوية والرئيس الصلب والسوي في التعامل مع الأزمات السياسية والأمنية، ولعلنا لا ننسى إشادته اللافتة بصدام حسين، ففي حملته الانتخابية عندما قال إن صدام رجل سيئ للغاية لكن حسنته الوحيدة أنه كان يقتل الإرهابيين ولا يتحاور معهم. هذا العقل الأمريكي الجديد، لن يرى ما يناسبه في إدارة حيدر العبادي الممزقة بين ميليشيات الحشد الشعبي وإرادة قاسم سليماني الإرهابية وهشاشة منظومة الحكم. وبالتالي سيكون الاحتكاك الأول لإستراتيجية ترمب في العراق مرآة تعكس مؤشر السياسة الأمريكية، على الغالب في العراق ستظهر طريقة تعامل الرئيس الجديد مع أزمات المنطقة. وإذا كان بالفعل ينوي ترمب تعزيز النفوذ العسكري في العراق من أجل قتال «داعش»، فإن الصدام قادم مع الميليشيات الإيرانية في الدرجة الأولى، وسيكون هناك حساب من نوع جديد لإيران التي تطلق ميليشيات لا تعد ولا تحصى، وبالتالي سيكون العبادي بين صلابة موقف أمريكي حازم أكثر من أوباما وبين نزعة إيرانية تسعي لابتلاع العراق من شماله إلى جنوبه. فيما تنتظر كل القوى العراقية السنية إضافة إلى القوى الكردية في الشمال ترتيبات الزعيم الأمريكي الجديد ..!؟ العراق الحالي الضعيف والمفكك، الذي يشهد حربا عسكرية مع الإرهاب وحربا طائفية في كل الاتجاهات، سيفرض نفسه على طاولة ترامب وربما ستتوقف الإدارة الأمريكية الجديدة كثيرا على مخلفات عشر سنوات من الحكم الطائفي بدءا من العام 2006 حين تسلم المالكي رئاسة الوزراء إلى العام 2016 حيث يحكم العبادي على طريقة المالكي الطائفية، ومن المؤكد أن هذا النمط من الحكم لن يرضي عقلية ترامب التي تتطلع في معظم الأحيان إلى النتيجة.. أما النتيجة فهي عراق غارق في الفوضى والكراهية الطائفية. بعد حفلة تنصيب ترمب في 22 يناير من العام القادم، سيكون حيدر العبادي من أوائل المسؤولين العراقيين الذين يلتقون به وسيكون العراق ما بعد هذا اللقاء هو العراق الذي يريده ترمب. ويمكن أن يكون هذا العراق هو الرادار الذي يعكس سياسته في المنطقة، إذ إنه سيبدأ عهده بمواجهة صندوق الأفاعي في الشرق الأوسط.