المار على صفحات تاريخ الاقتصاد السعودي - الأمريكي، لا يمكن أن يتجاوز امبراطور المال والأعمال سليمان بن صالح العليان الذي شهق أول أنفاسه في عنيزة، وزفر آخرها في نيويورك. وما بين مولده 1918 ووفاته 2002 بلغت شهرته الآفاق، من السعودية إلى أمريكا مرورا بأستراليا ودول الشرقين الأوسط والأقصى، قبل أن تصنفه «فوربس» في 2001، ضمن أغنى أغنياء العالم بثروة قدرت بنحو ثمانية مليارات دولار. ولم يخطئ الشاعر الدكتور غازي القصيبي حين أقنعه قبل وفاته بسنوات أن يكتب سيرته الذاتية، لتكون حافزا لشباب الوطن، فأسند المهمة للكاتب البريطاني «مايكل فيلد» ليروي سيرته في كتاب اختار له عنوان «من عنيزة إلى وول ستريت»، صدر في عام 2006، وترجمه للعربية الدكتور حمزة المزيني. ترك العليان المدرسة في عام 1936 ليعمل مراقبا للزيت في شركة نفط البحرين (بابكو)، براتب يومي لا يتعدى الروبية ونصف، آثر بعدها العودة إلى الوطن بما اكتسبه من خبرة، للعمل في شركة «كاليفورنيا أرابيان ستاندرد أويل كومباني» التي صارت لاحقا «أرامكو»، فمنحته بطاقة شخصية رقم 40، ليكون بذلك ضمن أول 50 سعوديا يعملون في الشركة، فعمل مأمور مراقبة شحن واستلام، ونظرا لشغفه وإجادته للغة الإنجليزية ترقى للعمل رئيسا للترجمة في العلاقات الحكومية، قبل أن يستقيل في 1947، لينطلق في بناء امبراطورية أعماله. في أوائل الخمسينات شارك في الأعمال الإنشائية في مدن التابلاين بالقيصومة ورفحاء وبدنة وطريف، وتولت شركاته عملية لحام أنابيب النفط عبر الصحارى، وأسس أول شركتين سعوديتين لتوليد الكهرباء، وتسويق غاز البروبين «شركة الغاز الأهلية»، كما أسس في عام 1954 شركتي «التجارة العمومية لتسويق المواد الغذائية»، و«المشاريع التجارية العربية للتأمين»، ثم شركة النقليات العامة. وفي بداية الستينات اتجه للاستثمار في الأسواق العالمية، فحصل على وكالات حصرية لمنتجات من بينها «كمبرلي كلارك» و«جنرال فودز» و«كرافت» و«كولجيت-بالموليف» و«نستله» و«برغر كينغ» و«كوكاكولا»، كما حاز ترخيصين لإنشاء أول مصنع سعودي لإنتاج المناديل الورقية، وأول مستودع تبريد وتصنيع للحوم. وفي العام 1969 أسس شركة العليان المالية التي تملك وتدير 40 شركة عاملة في مختلف القطاعات حول العالم، علاوة على امتلاكها حصصا في مصارف وشركات محلية وعالمية، كالبنك السعودي البريطاني، وتشيز منهاتن، وميت لايف، وكريديت سيوزفيرست بوسطن إنترناشيونال، وكابيتال يونيون. حصل على وسام الفارس القائد للامبراطورية البريطانية، والنجمة الطبية الملكية من السويد، ووسام الجدارة من إسبانيا. وأطلق اسمه على كلية إدارة الأعمال في جامعة بيروتالأمريكية، كما شغل عضوية عدد من المجالس الخيرية والاستشارية والتعليمية.