أخطر ما يمكن أن تمارسه هيئة الترفيه أن تحول فعاليات الترفيه في بلادنا إلى نظام طبقي ونشاط نخبوي يستهدف النخبة فقط ويفرز المجتمع إلى من يملكون ومن لا يملكون قيمة التذاكر الباهظة للفعاليات!، الترفيه يا سادة ليس نشاطا أو برنامجاً أرستقراطياً أو نخبوياً لا يستطيعه إلا الأغنياء بل ممارسة حق اجتماعي لعموم الأفراد في المجتمعات والبلدان المتحضرة.. تجده متاحاً على شواطئها وفي ميادينها وأسواقها وقاعاتها ومسارحها.. إلخ وحتى في الصناعة المحترفة للترفيه في العالم فإنها تتيح لطلاب المدارس ولغيرهم من فئات المجتمع زماناً ومكاناً محددين لممارسة حقهم الترفيهي بالمجان أو بأسعار رمزية.. ولذلك قمة المأساة عندما يستطيع طالب أن يدفع تذكرة، ولا يستطيع صديقه دفعها وهذا ما لم ولن تغفل عنه أي هيئة ترفيه! لن أناقش فعاليات هيئة الترفيه التي بدأت بها ولا نوعية تلك البرامج التي جاءت على طريقة المثل المكاوي «أول ما شطح نطح!» فلربما لهم في ذلك وجهة نظر! ولن أتكلم عن النموذج الحالي لاقتصاديات صناعة الترفيه التي جاءت على طريقة المثل الشهير «من دقنو وافتله!» بمعنى تحميل كل التكاليف الباهظة للفرق والعروض القادمة من أقصى الأرض على «المترفه وحده»! حتى وصل سعر الفرق في التذاكر إلى خمسة أضعاف سعرها الأصلي! ولن أسألها لماذا غيبت المحتوى المحلي للترفيه؟ ولماذا لا تساعده أن يكون ممارسة أسبوعية في كل مدن ومحافظات المملكة؟ ولماذا لم تضع معايير جودة نظامية أو اقتصادية إلى الآن للمستثمرين في الداخل والخارج؟ ولكن أقول لها لا يمكن أيتها الهيئة الموقرة أن يكون الترفيه جزراً منعزلة زماناً ومكاناً عن قلوب ومتناول الناس! ولا يمكن لنا في رأيي أن ننتظر فرقة استعراضية من هنا وهناك ليكتمل مزاج الترفيه بعد أن ندفع لتلك الفرق أضعاف ما ندفعه عند سفرنا للخارج! وما لم يكن لديكم خطة عمل لجعل الترفيه عادة مجتمعية متاحة وغير مكلفة للعائلات السعودية فإنكم لن تجلبوا للقطاع الكبير من الشعب إلا مزيداً من التعاسة! لا يمكن لكم في رأيي أن تعملوا كمكتب تعاقدات يخلط سمكاً بلبن بتمر هندي دون أن يدوِّر الترفيه اقتصادياً ومجتمعياً ويكتشف النبض المخبوء بين أذرعنا!