نهم المال وفساد الضمير، هدفان ثابتان لقوس توفيق الربيعة ولنصل سهام تنظيمه «جميعة حماية المستهلك»، فعلى أنه حظي بثقة المقام السامي بتوليته وزارة الصحة وأوكلت له أمانة الحفاظ على عافية الوطن، إلا أن نجاحاته عندما كان وزيراً للتجارة وخبرته في كبح جماح الطماعين والجشعين، عززت الثقة في قدرته في سبر أغوار «حماية المستهلك» على نحو يحفظ به حقوق العامة من التطاول والاستغلال. ليس غريباً أن تطوع خبرة الربيعة في هذا الأمر، إذ إن تمرسه على ردع المتجاوزين والتشهير بهم كان ديدنه، لهذا لن يتورع عن تقييض العبث الذي ينتهجه المخالفون لاستدرار المال والانتفاع بالمصالح دون حق مشروع. لن تكون مهمة «الربيعة» سهلة وفق حساسية هذا الموقع وارتباطه المباشر بالمستهلكين والتجار، لكنها أيضاً لن تكون بذلك القدر من الصعوبة إن مضى بكامل الشفافية للقضاء على الفوضى وأعاد بوصلة الأسواق إلى الاتجاه الصحيح، فحماية المستهلك والعناية بشؤونه ورعاية مصالحة والمحافظة على حقوقه والدفاع عنها وتوعيته وتثقيفه، هي الرسالة التي ما فتئت الجمعية الحديث عنها، لكن ووفق مقاييس الرضا لا تزال دون ملامسة فعلية لهموم الناس وشكواهم، فالمؤمل أكثر من ذلك وهو ما يتعين على الربيعة التركيز عليه. كانت من أكثر ردات الفعل إيجابية على الأمور الملكية أمس الأول، هو تولية الربيعة هذه المهام، ليس لنجاحاته في وزارة التجارة والصورة الذهنية الجيدة عنه وحسب، بل لأن جميعة المستهلك في حد ذاتها بحاجة إلى من يضخ فيها الدم من جديد لتحيا وتقترب أكثر من واقع الأسواق والناس. الربيعة القادم من وحي الحسابات والأرقام سيكون على عتبة توفيق آخر، إن أجاد وزن المتراجحات وحل المعادلات وعرف دالة الصواب، فهو يحمل شهادة الدكتوراه في علوم الحاسب الآلي من جامعة بيتسبرغ في بنسلفانيا الأمريكية، والماجستير في علوم الحاسوب وعلم المعلومات، وبكالوريوس في الإدارة المالية والرياضيات من كلية العلوم الإدارية من جامعة الملك سعود الرياض. وسيكون أمامه ملفات دقيقة تتطلب منه عناية خاصة على رأسها ضبط الآسعار وموازنتها بالسوق العالمية، وما يتلو البيع من حقوق للمستهلك وأمور أخرى لن يكون غافلاً عنه، في ظل الحديث المتواتر حولها من المستهلكين الذين شابتهم شائبة «اللا ثقة» في هذه الجمعية المنوط بها حمايتهم أولاً وأخيراً.