علمت "العربية.نت" من أكثر من مصدر أن القوات الأميركية في العراق سرّعت من وتيرة انسحابها من العراق، وستتمكن في أوائل شهر ديسمبر/كانون الأول، أي بعد أسبوعين من سحب 40 ألف جندي ممن بقوا في العراق حتى هذا الخريف. كما علمت "العربية.نت" أن نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن سيتوجه إلى العراق في الأسبوع الأول من ديسمبر للاحتفال بنهاية الحرب وعودة آخر جندي أميركي، وبذلك يسبق الأميركيون جدولهم الزمني بأكثر من ثلاثة أسابيع. ومن المقرر أن يزور رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي العاصمة الأميركية في 12 ديسمبر كانون الأول للقاء الرئيس الأميركي وإجراء محادثات حول العلاقات الأميركية العراقية المستقبلية. وكانت آخر محادثة بين باراك أوباما ونوري المالكي جرت يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول قبل ساعة من إعلان الرئيس الأميركي قرار سحب كل القوات وعدم إبقاء أي جندي أميركي في العراق بعد 31 ديسمبر 2011، وهذا تسبب بحالة ذعر لدى الأميركيين الجمهوريين وحالة من الارتياح لدى الديموقراطيين من معارضي الحرب. الأميركيون ووجودهم في العراق وينظر الديموقراطيون بشكل عام إلى أن الحرب في العراق كانت غير مبررة من جهة الخسائر البشرية الأميركية، ومن جهة صرف الأموال على حملة عسكرية وإعمار دولة لم يكن للأميركيين شأن فيها. الرئيس الأميركي باراك أوباما ترشّح للرئاسة الأميركية وهو ينادي بأن هذه الحرب عبثية أيضاً. أما الجمهوريون فاعتبروا أن الانسحاب بنهاية هذا العام هو هدر لأرواح العسكريين وللأموال التي استثمرت، كما أن "العراق أصبح لقمة سائغة للنفوذ الإيراني"، وكان هذا التيار من الأميركيين يفضّل أن تبقى القوات الأميركية في العراق لمساعدة العراقيين على حفظ سيادتهم وسلمهم الأهلي. وأكد مقربون من رئيس الحكومة العراقية ل"العربية.نت" أن موضوع الرئيس الأميركي باراك أوباما لم يثر موضوع إيران مع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي خلال المحادثة الأخيرة بين الرجلين، والتي سبقت قرار إعلان الانسحاب الكامل. وقال مصدر مسؤول ل"العربية.نت" إن الأميركيين يعرفون موقف المالكي من هذا الشأن، وعندما طلبنا إيضاحاً قال هذا المصدر إن "رئيس الحكومة العراقية الحالي أثبت، رغم حرصه على علاقات جيدة مع إيران، أن يبقى القرار العراقي خارج تأثير القوى الإقليمية والدولية، وهذا ما تم التأكد منه خلال الفترة السابقة، سواء بطبيعة التحالفات الانتخابية التي قادها المالكي خلافاً للإرادة الإيرانية أو الحملات التي قادها ضد المليشيات في البصرة وغيرها، وتحمل مسؤوليتها وحده". لكن الأميركيين أثاروا موضوع إيران في السابق، وأبدوا مخاوفهم من هذا التأثير، فقد تمكّن الإيرانيون من اختراق ميليشيات عراقية عدة وأصبح الحرس الثوري يسيطر بنسب مختلفة على جيش المهدي وفيلق بدر التابع للمجلس الأعلى، وحاول أيضاً السيطرة على بعض فصائل حزب الدعوة بزعامة المالكي. ويشعر الأميركيون ببعض الانزعاج من دخول العراق في النسيج الاقتصادي لإيران، فميزانية الحج الإيراني إلى المقامات الشيعية في النجف وكربلاء تصل إلى 3 مليار دولار سنوياً، وهناك دورة اقتصادية واسعة تشمل النقل والإقامة في المدينتين أصبح من المستحيل على العراقيين الشيعة قطعها، لكن ما يثير الأميركيين أكثر أن العراق يقف على مسافة منهم لدى التحدث عن العقوبات الدولية على طهران والحرس الثوري، كما أن العراق لا يتجاوب مع الطلبات الأميركية لدى الحاجة إلى مواقف ضد النظام السوري. أوباما.. الموقف ذاته ومن الواضح أن الرئيس الأميركي باراك أوباما لم يشأ أن يكون الأميركيين جزءاً من التركيبة الداخلية العراقية، واقتنع أن الحضور الأميركي يثير حفيظة العراقيين، ولو أراد الأميركيون أن يقوموا بدور إيجابي فيجب أن يثبتوا حسن نواياهم ويخرجوا ويتركوا العراق للعراقيين وسيكون الأميركيون مستعدين لمساعدة العراق لو أراد العراقيون ذلك. أما الحفاظ على أمن الخليج فمسألة أخرى يتمّ التعاطي معها بالتعاون مع دول الخليج المستعدّة للتعاون وطلب المساعدة الأميركية. أما مواجهة النفوذ الإيراني في العراق فلا جواب لدى الأميركيين عليها غير الاتكال على "المشاعر الوطنية العربية العراقية"، خصوصاً عند الشيعة العراقيين.