حي الصنادق في عرعر، أو "مساكن الصفيح"، معلم بارز ولكنه ليس معلماً سياحياً وإنما منعطف خطر تشعر معه بفجوة كبيرة تستعيد معها ذكريات ما قبل النفط، وترتسم بين عينيك عشرات الأسئلة التي لا تملك إجابتها. ويعاني أطفال حي الصفيح في فصل الصيف من شدة الحرارة، يلسعهم سياط الحر دون سياج يحميهم، ولا كسوة جديدة تحول بينهم وبين درجة الحرارة في الشمال، ورأينا كباره - لحظتها - يتقطعون حسرة على حال أبنائهم وأسرهم، وكانت ملامحهم البائسة أبلغ من عباراتهم المقهورة، وفي الشتاء يهبط البرد القارص على مساكنه، حيث يزداد الحال سوءاً. ولأن المجتمع شحّ على سكان هذا الحي بالحلول الحاسمة والسليمة واكتفى بأن يقدم لهم لقمة عيش أو فتات نقود لا يحصلون عليها إلا بعد أن يقفوا في الطوابير أو ينتظرون طويلاً أمام أبواب الجهات المعنية التي تجزئ حل مشكلتهم وتكتفي بما يسد جزءاً من بطون أطفالهم وفي جزء من الوقت أيضاً، ثم تتركهم بعد ذلك ينتظرون فصلاً مماثلاً وحلاً يشبه ما سبقه؛ حتى غدت دفاتر مدارس أبنائهم وبناتهم عبئاً يثقل كاهلهم؛ ففضلوا أن يبقى عدد من هؤلاء الأبناء خارج دائرة التعليم الذي لا يستطيعون تحمل مصروفاته، وهم بذلك أراحوا أنفسهم من سخرية أطفال الآخرين على ملابس أبنائهم المهلهلة التي لا يستطعون الذهاب بها إلى مدارسهم. يقول شايع اليوسف، أحد سكان الصفيح: "معاناة سكان الصفيح تزداد مع هذا الفصل الحار من السنة على وجه الخصوص، إذ يمر علينا الصيف بحرارة لا ترحم الصغير، ولا توقر الكبير، فيهدم الصيف صحتنا ونعيش معاناته ساعة بساعة، إذ يصبح الصفيح ناراً، وتصبح الأرض درجة حرارة مرتفعة". وتساءل محمد الرويلي: "لمن نقول ولمن نشكي؟ الجميع يتهرب من المسؤولية، والله لا نستطيع أن ننام في الصفيح بسبب انقطاع الكهرباء من الساعة الثانية فجراً". وأضاف سعد العنزي: "نريد من المسؤولين توفير مساكن بديلة لنا". وعلق مدير الضمان الاجتماعي بمنطقة الحدود الشمالية عوض المالكي قائلاً ل"العربية.نت" إنه تم تشكيل لجنة للوقوف على أوضاع سكان "الصفيح" في الحدود الشمالية. وكانت أمانة منطقة الحدود الشمالية منحت سكان الصفيح أراضي سكنية قبل عدة أعوام، مطالبة ساكنيها بإزالة مساكن الصفيح قبل حصولهم على الأراضي.