اضطرت شركات صناعة السيارات اليابانية إلى إبطاء إنتاجها بشكل كبير في العالم بأسره في أزمة غير مسبوقة قد تستمر عدة اشهر إضافية، عائدة إلى تعرض مزوديها لإضرار جراء زلزال 11 آذار/مارس. فالكثير من المشاغل في شمال شرق اليابان لم تعد قادرة على تلبية زبائنها بسبب الأضرار الجسيمة التي تعرضت لها جراء الزلزال العنيف الذي بلغت قوته تسع درجات والتسونامي المدمر الذي تلاه. والشركات التي لم تتعرض لإضرار والواقعة قرب المناطق المنكوبة أو في أماكن أخرى في اليابان، فتواجه صعوبات في نقل منتجاتها بسبب مشاكل لوجستية وبلبلة في وسائل النقل وانقطاع التيار الكهربائي منذ وقوع الكارثة. فإنجاز سيارة عملية معقدة تحتاج من 20 إلى 30 ألف قطعة مختلفة وغياب واحدة منها قد يعرقل العملية برمتها. ويوضح الناطق باسم شركة تويوتا بول نولاسكو (لدينا مشاكل في الحصول على القطع الإلكترونية والقطع المطاطية والبلاستيكية). وشغلت تويوتا جزئيا في اليابان سلاسل الإنتاج التي ستعمل بنسبة 50% من طاقتها من 18 إلى 27 نيسان/أبريل قبل أسبوع العطلة التقليدي مطلع أيار/مايو. أما بعد ذلك فستغرق الشركة في المجهول. ويقر نولاسكو (لم نحدد بعد خططنا الإنتاجية لمرحلة ما بعد ذلك بأسبوع) المعروف باسم (غولدن ويك) (الأسبوع الذهبي). وتواجه أكبر شركة مصنعة للسيارات في العالم صعوبة في تزويد مواقعها لتجميع السيارات في العالم بقطع الغيار التي تحتاجها وهي مضطرة إلى تجميد إنتاجها لمدة أسبوع تقريباً في أميركا الشمالية وأوروبا بحلول مطلع أيار/مايو. وتقدر شركة تويوتا عدد القطع التي تحتاجها لاستعادة نشاطها الطبيعي بحوالي 150 قطعة. وتعاني الشركات اليابانية الرئيسية المنافسة لها المشاكل نفسها. فقد استأنفت (نيسان) للتو العمل في مصانعها في اليابان وهي تعمل بنصف طاقتها ومضطرة كذلك الى وقف العمل لعدة أيام في مصانعها في بريطانيا والولايات المتحدة والمكسيك. أما (هوندا) فقد استأنفت نشاطها قبل ذلك بقليل لكن بوتيرة بطيئة في اليابان، إلا أنها مرغمة على إبطاء إنتاجها في أوروبا والقارة الأميركية وآسيا. وتفيد وسائل الأعلام المتخصصة أن حوالي 600 ألف سيارة لم تتمكن من الخروج من سلاسل الإنتاج في كل الشركات اليابانية منذ الزلزال. ويفيد مصرف (جاي بي مورغن) أن إنتاج السيارات في الأرخبيل سيتراجع بنسبة 14 % هذه السنة إلى 7.75 ملايين سيارة. ويشدد تاتسويا ميزونو المحلل في قطاع صناعة السيارات أن (الكثير من المزودين مقرهم في مناطق مياغ وايواتي وفوكوشيما من مقاطعة توهوكو (شمال شرق) والأضرار التي تعرضوا لها تجعل من غير المرجح أن يستأنفوا نشاطهم سريعاً). وتتعامل (نيسان) مثلاً مع 300 شركة في تلك المناطق من بينها 40 تعرضت لإضرار جسيمة خلال الكارثة. وشركات صناعة السيارات بحاجة إلى قطع بسرعة لأنه عادة لا يكون لديها مخزون لأكثر من شهر. ويحذر ميزونو من أن (تجميع السيارات في اليابان سيبقى يعاني من مشاكل على مدى اشهر أو حتى سنة). فعملية تصميم مكون واختباره وإنتاجه طويلة وحساسة الأمر الذي يجعل من الصعب جدا على الشركات الاستعانة بين ليلة وضحاها بمزودين جدد. والمشكلة لا تقتصر على المجموعات اليابانية فالشركات الأميركية ستعاني أيضا من صعوبات ومنها شركة (رينيساس) لإنتاج شبه الموصلات التي تسيطر على 50% من السوق العالمة للأنظمة الإلكترونية للتحكم بالفرامل والمحركات. فالمصانع اليابانية لهذه المزود الاستراتيجي لن تعيد فتح أبوابها ألا في الأيام المقبلة وسيبقى إنتاجها بطيئاً على مدى عدة أسابيع.