عند الشدائد يظهر معدن الرجال وتنكشف أصالتهم، هذا ما أظهره أبناء هذا الوطن عندما تداعوا من كل حدب وصوب إلى ستاد الملك فهد الدولي في الرياض، خلال نزال النصر والهلال في نصف نهائي كأس ولي العهد، في استفتاء حقيقي لمكانة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والقيادة الرشيدة، حيث امتلأ حتى آخره، واكتسى باللونين الأبيض والأخضر، حيث تناسى أنصار الفريقين بوطنية خالصة وحب كبير انتماءاتهم الضيقة، متجاوزين حاجز النادي إلى فضاءات الوطن الواسعة التي تحتضن الجميع. وصاغ الشباب عبارات بحبر الوطنية ألقمت كل من كان ينتظر هذا المعترك الكروي ليبث سمومه، وأفكاره الخبيثة والهدامة، ويريد أن يعبث بأمن وسلامة هذا الوطن الأبي، حجرا، غابت شعارات النصر والهلال، وحلت مكانها أعلام ترفرف في الأيادي، والحناجر تردد بلا ملل الأناشيد الوطنية وتجدد الولاء والحب والانتماء للقيادة الرشيدة، وصور خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين تزين المدرجات وتزيده بهاء على بهاء. روعة المشهد وحلاوة المنظر تجسدت في العلم الأخضر العملاق الذي غطى المدرجات وسط هدير جماهيري وصوت واحد يردد بعنفوان "نحن فداك يا وطن". خاب ظنكم وفشل مساعكم يا من حولتم الاصطياد في الماء العكر، هكذا كان حال لافتات حملتها الجماهير ملئية بالعبارات التاريخية والوطنية "سلامتك يا شمس الأرض وقمرها، ليت المرض فيني ولا جاك"، "مجنون من وده يمس القيادة، كلنا لأبو متعب دروع أرضية"، ولافتة ترفض كل إغراءات أولئك المتخاذلين عنوانها "إلا الوطن"، وزيلت بعبارة النصر والهلال عينان في جسد في واحد، إشارة إلى أن مصلحة الوطن تسمو فوق كل المصالح الشخصية والذاتية، كما أن الجماهير وجدت اللقاء فرصة لتقديم التهنئة لخادم الحرمين الشريفين بعد أن عاد إلى الوطن سالما معافى بعد رحلته العلاجية، وكانت عبارة ذلك المشجع تدل عن بعد إنساني كبير ومشاركة المواطن لمليكه الألم، وتمنى أن المرض فيه وليس فيه، عندما صاغ "سلامتك.. يا شمس الأرض وقمرها.. ليت المرض فيني ولا جاك". وأخيرا .. انتهى الدرس وسيقى هذا الوطن محروسا بدعوة إبراهيم نبي الله، وستكون الرياضة منبرا وطنيا خالصا ودرعا يحمي قادته ويقف حجرة عثرة في وجه كل من تسول له نفسه المساس بأمنه وأمانه.