أكد عدد من كبار المستثمرين السعوديين أن مصر تعد عمقاً استراتيجياً لاستثماراتهم في المنطقة، وأن الأزمة الحالية وإن تسببت في بعض الأضرار إلا أنها لن تدفعهم للخروج من السوق المصرية أو مراجعة خطط توسعهم هناك. قال رئيس المجلس السعودي المصري للأعمال "عبد الله صادق دحلان": "إن حجم الاستثمارات السعودية في مصر يقدر بين 27 و30 مليار جنيه (4.55 و5.06 مليار دولار)". وذكر أن عدد المواطنين السعوديين المقيمين أو شبه المقيمين في مصر أو لهم استثمارات فيها يقدر بمئات الآلاف، لكن لا تتوافر أرقام أو تقديرات لحجم نشاطاتهم التجارية في مصر. ولا يزال محتجون ينادون عبر تظاهرات حاشدة لليوم الثالث عشر على التوالي بإسقاط حكم الرئيس المصري "حسني مبارك" بعد 30 عاما قضاها في منصبه ويطالبون بإصلاحات سياسية واقتصادية واسعة النطاق. وأحدثت الأزمة الراهنة التي يشهدها أكبر بلد عربي من حيث السكان خسائر اقتصادية كبيرة قدّرت في تقرير أصدره كريدي أجريكول سي.آي.بي بما لا يقل عن 310 ملايين دولار يومياً. وأوضح "دحلان" أن أصول الشركات والاستثمارات السعودية في مصر لم تتضرر جراء حوادث الشغب التي صاحبت المظاهرات قائلاً، إنها كانت تحت حماية السلطات المصرية وإن كانت اقتصاديات تلك الشركات تأثرت كثيرا بسبب الركود التجاري الذي صاحب الأزمة. وتتوزع رؤوس الأموال السعودية في مصر على العديد من الخيارات الاستثمارية أبرزها قطاع الخدمات والسياحة والطيران والقطاع العقاري والزراعي إلى جانب بعض الأنشطة المالية. وقال رئيس مجلس إدارة الراجحي الدولية للاستثمار "محمد بن سليمان الراجحي": "إن استثمارات مؤسسته تضررت جراء انخفاض سعر الجنيه المصري وتوقف عمليات النقل والموانئ في الأيام الأولى من الأزمة". وأضاف: "إن استثماراته في مصر تضررت أيضاً من ارتفاع سعر التأمين على المحاصيل القادمة عبر قناة السويس بنسبة 10 بالمائة من 300 إلى 330 دولار". وأوضح "الراجحي" أن قيمة استثمارات مؤسسته في مصر تقارب خمسة مليارات جنيه، وتتوزع بين استثمارات زراعية في توشكى جنوب البلاد واستثمارات في الدواجن في منطقة وادي النطرون. وقال: "نحن نؤمن بأن وجودنا في مصر وجود استراتيجي من حيث الفرص الاستثمارية وتأمين الأمن الغذائي". وقال "عبد المحسن الحكير" رئيس مجلس إدارة شركة الحكير القابضة التي تعمل في مجال الخدمات والأسواق التجارية: "تراجعت عملياتنا بنسبة تراوحت بين 30 و40 بالمائة إلا أن استثماراتنا خارج القاهرة لم تلحقها أي أضرار.. خططنا في العمل مستمرة وثقتنا في السوق المصرية عالية جداً". وأكد "فيصل إبراهيم العقيل" مدير ادارة تطوير الأعمال في شركة مواد الإعمار الدولية: "إن استثمارات شركته في مصر آمنة ولم تتأثر بسبب الأحداث"، ولم يكشف عن حجم تلك الاستثمارات. وشركة مواد الإعمار الدولية تابعة لشركة مواد الإعمار القابضة السعودية وهي بدورها الذراع الصناعية لمجموعة بن لادن السعودية. من جهته، قال "ناصر الطيار" الرئيس التنفيذي لمجموعة الطيار للسفر والسياحة الذي يبلغ حجم استثمارات شركته في مصر 100 مليون ريال: "إن الشركة كانت تعتزم إطلاق رحلات النيل للطيران العارض في مارس/آذار المقبل، لكنها قررت تأجيل الأمر إلى أجل غير محدد بسبب تداعيات الأزمة". وقال: "عملياتنا تراجعت بما يقارب 30 بالمائة.. نفكر جدياً في أن نوقف صرف الرواتب في حال طالت الأزمة". وتوقع تقرير كريدي أجريكول سي.آي.بي أن يكون قطاع السياحة أول القطاعات المتضررة من الأزمة الراهنة، وقال: "استمرار حالة عدم اليقين السياسية وأعمال العنف سيكون له أثر مدمر على عائدات السياحة هذا العام". وقال "صالح التركي" رئيس مجلس إدارة شركة نسما التي تعمل بشكل رئيسي في مجال الطيران والملاحة البحرية عبر شركتي نسما للطيران ونماء للملاحة ويبلغ حجم استثماراتها في مصر 250 مليون ريال: "إن توقف عمل البنوك أثر على التدفقات النقدية للشركة". وأضاف: "أكثر خسائرنا حالياً في طيران نسما حيث ارتفعت طلبات عودة الركاب إلى بلدانهم كما تم إلغاء العديد من حجوزات الأسابيع القادمة فأصبحت رحلاتنا تذهب ممتلئة إلى أوروبا لكنها تعود إلى مصر خالية". وتابع: "إنه في حال استمرت الأزمة طويلاً فمن المحتمل أن يفكر في تسريح بعض العمال ولكن ذلك سيكون آخر خيار له"، وأكد أن السوق المصرية سوق إستراتيجية لمجموعته ولن يبتعد عنها أو يغير خططه حول العمل فيها. من ناحية أخرى، أشاد مستثمرون سعوديون بقرارات وزارة المالية المصرية بإنشاء صندوق للتعويضات بقيمة خمسة مليارات جنيه، مؤكدين أنهم سيستفيدون من دعمه حالما تتطابق أنظمته وشروطه مع أوضاعهم، وقال "دحلان": "هذه الخطوة من شأنها ترسيخ ثقة المستثمرين".