رجح اقتصاديون أن تكون ميزانية 2011 التي سيتم الإعلان عنها خلال الأيام المقبلة الأضخم أيضاً في تاريخ المملكة، وأنها ستتجاوز ميزانية 2010، حيث ستصل الإيرادات إلى ما بين 620 و630 مليار ريال، والإنفاق إلى ما بين 580 و590 مليار ريال"، فيما سيكون العجز ما بين 40 و50 مليار ريال. كما توقع الاقتصاديون تراجع الدين العام الحكومي للمملكة في 2010 إلى 225 مليار ريال، وهو ما أعلنته الحكومة في الميزانية التقديرية للعام نفسه، مشيرين إلى أن أي زيادة في تخفيضه ستؤثر سلباً في مستويات التضخم المحلية. كما رجح المحللون زيادة الإنفاق الحكومي في 2010 إلى ما بين 15 و17 في المائة، بالنظر إلى زيادة الضخ في مشاريع البنية التحتية، ووجود إنفاق إضافي، في الوقت الذي توقعوا فيه ارتفاع الإيرادات إلى 630 مليار ريال، والإنفاق إلى 590 مليار ريال. لكن الاقتصاديون اختلفوا في قيمة عجز الميزانية الذي قدرته المملكة بأن يكون في 2010 عند 70 مليار ريال، حيث اعتبر محلل أن 2010 سيخلوا من أي عجز بالنظر إلى تحسن الإيرادات ووجود الفائض، فيما أشار آخر إلى أن العجز سيتقلص ليصل إلى نحو 30 مليارا. واعتمدت المملكة في كانون الأول (ديسمبر) من 2009 ميزانية عام 2010 التي تعد أكبر ميزانية في تاريخ المملكة بإنفاق يبلغ 540 مليار ريال، والإيرادات عند 470 مليار ريال، أي بعجز 70 مليار ريال. فيما بلغت الإيرادات الفعلية للمملكة 505 مليارات ريال في 2009، والإنفاق سجل عند 550 مليار ريال أي بعجز 45 مليار ريال. كما تضمن بيان الميزانية التوجيه بالاستمرار في تخفيض حجم الدين العام، الذي بلغ حجمه 237 مليار ريال بنهاية العام المالي (2008)، ويمثل ما نسبته 13.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للعام نفسه، مقابل 82 في المائة لعام (2003)، متوقعة أن ينخفض حجمه الصافي ليصل في نهاية العام المالي 2010 إلى نحو 225 مليار ريال، إلا أن نسبته إلى الناتج سترتفع إلى 16 في المائة نتيجة الانخفاض في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية للعام المالي (2009). وهنا رجح الدكتور إحسان علي بوحليقة الكاتب والخبير الاقتصادي انخفاض الدين العام الحكومي إلى 225 مليار ريال في 2010 منخفضاً من حدود 237 مليار ريال، ويمثل 13.3 في المائة من الناتج المحلي. وقال: "خفض الدين العام بشكل كبير لا يمثل أولوية في الوقت الراهن باعتبار أن مستوى الدين العام نسبة للناتج المحلي الإجمالي تراجع بفارق كبير عن خط 60 في المائة الذي عادة ما يعد تجاوزه صعوداً ولوجاً للاقتصادات المستدينة في المنطقة الحرجة". ورجح بوحليقه أن يتجاوز الإنفاق الفعلي ما قدر في ميزانية 2010 بنحو 15 في المائة، ليصل إلى نحو 620 مليار ريال، انطلاقا من أن ذلك يمثل متوسط ما يتجاوزه الإنفاق الفعلي الإنفاق التقديري، وذلك من خلال تتبع أداء الميزانيات الماضية، رغم وجاهة استقرار الإنفاق الفعلي في حدود ما قدر في الميزانية، إذ إن ذلك سيمثل انضباطاً ضمن الميزانية المعلنة بداية هذا العام، لكن ذلك مستبعد وسط المستجدات التي عادة ما تطرأ أثناء العام. أما العجز في الميزانية، الذي قدرته الميزانية العامة في حدود 70 مليار ريال، فيتوقع بوحليقة أن ينتهي العام المالي الحالي بفائض لصالح الخزانة العامة للدولة. وأضاف: "هذا الفائض يأتي انطلاقا من أن الإيرادات النفطية المتوقعة والمصدر هو إدارة معلومات الطاقة الأمريكية للفترة من كانون الثاني (يناير) حتى تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2010 توازي 184 مليار دولار، أي نحو 200 مليار دولار لكامل عام 2010، أي ما يعادل 752.7 مليار ريال لكامل عام 2010، ويضاف لذلك 71 مليار ريال كحصيلة للإيرادات غير النفطية، بافتراض أن مستوى الإيرادات غير النفطية للعام الحالي لم يتغير عما حققته في العام المالي الماضي 2009. وعليه، وبناء على ما تقدم يمكن توقع إيرادات فعلية للعام المالي 2010 في حدود 823.7 مليار ريال، أي بفائض متوقع قدره 203.7 مليار ريال". وأضاف بوحليقة: "أن تقديرات الفائض ترتكز إلى نمو المصروفات الحكومية، فمثلاً في العام المالي المنصرم (2009) تجاوز الإنفاق الفعلي الإنفاق التقديري بنحو 75 مليار ريال أي زيادة 15.8 في المائة عما كان مقدراً في الميزانية، وعزت المصادر الرسمية تلك الزيادة لما استجد خلال العام المالي من مصروفات، وتشمل دفعات تنفيذ مشاريع للحرمين الشريفين، والمشاعر المقدسة، ومشاريع عسكرية وأمنية وأخرى، والمبالغ التي ترتبت نتيجة التعديل في بعض اللوائح كلائحة أعضاء هيئة التدريس واللائحة الصحية، وتثبيت بعض فئات الموظفين، وتعديل مستويات المعلمين والمعلمات، وزيادة القبول في الجامعات والابتعاث، وإعانات الضمان الاجتماعي، والشعير، والأعلاف، وحليب الأطفال، والأرز". وتابع: "هناك برنامج إنفاق حكومي يرتبط بالخطة الخمسية التاسعة، وتصاعد هذا الإنفاق ناتج في الأساس من تصاعد الإنفاق الاستثماري لاستكمال وتحديث البنية التحتية، والمدارس، والمستشفيات، والجامعات إلخ.. التي أعلنتها المملكة على رفعه سنوات ودونما، وبتتابع على مدى السنوات الأربع الماضية، إضافة إلى المشاريع الممولة من خارج الميزانية". وزاد: "وبسبب ضخامة هذا الإنفاق الاستثماري، الذي تجاوز 260 مليار في ميزانية عام 2010، فقد قارب الاقتصاد السعودي الوصول لمرحلة التشبع، ولعل الحضور العنيد للضغوط التضخمية أحد شواهد ذلك، وبالتالي فمن المستبعد أن يزيد الإنفاق لعام 2011 بفارق ملحوظ عن مستويات الإنفاق الفعلي لعام 2010، ومع ذلك أتوقع أن تكون الميزانية المقبلة الأضخم في تاريخ المملكة، بالنظر إلى زيادة الإيرادات، التي دعمتها بشكل أساسي أسعار النفط المرتفعة، التي من المتوقع أن تحافظ على تماسكها لعام 2011". من جهته، اتفق خبير اقتصادي مع ما ذكره إحسان بوحليقة من حيث سداد الدين العام، حيث أشار إلى أن السداد سيكون عند نفس المستوى الذي قدرته في ميزانية العام الجاري في حدود 225 مليار ريال. وأضاف: "أي زيادة في سداد الدين العام سيكون لها تأثير سلبي في التضخم، لأن السيولة سترتفع، وبالتالي سيرتفع معها التضخم". ورجح الخبير الاقتصادي الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن يتقلص العجز الذي قدر في ميزانية 2010 في حدود 70 مليار ريال، ليصل إلى ما بين 30 و40 مليار ريال بسبب تراجع العائد على سندات الحكومة الأمريكية، وبالتالي زيادة ضغطه على بند الدخل، إضافة إلى وجود إنفاق إضافي، الذي أعلن عن استمراره خلال الفترة الماضية، ويتعلق ببدل غلاء المعيشة، الذي أقر عند 15 في المائة. كما توقع المحلل الاقتصادي زيادة الإنفاق الحكومي إلى ما بين 17 و18 في المائة عن المقدر في الميزانية، الذي كان في حدود 540 مليار ريال، وذلك بالنظر إلى زيادة الضخ في المشاريع التعليمية، والسكنية والمطارات، وغيرها. لكن المحلل الاقتصادي رجح أن يكون تقدير العجز في ميزانية المملكة للعام المقبل ما بين 40 إلى 50 مليار ريال، مشيراً إلى أن ذلك سيؤثر فيه بشكل كبير أسعار النفط ومدى تحسنها. وتابع: "الميزانية المقبلة لن تكون أقل من سابقتها، وستكون الأضخم أيضاً، وستتجاوز ميزانية 2010، حيث يتوقع أن تصل الإيرادات إلى ما بين 620 و630 مليار ريال، والإنفاق إلى ما بين 580 و590 مليار ريال". وزاد: "لو استمر الوضع الحالي لقطاع الإسكان، وضغط فاتورة السكن والإيجارات، فسيكون هناك إنفاق حكومي إضافي على إنشاء وحدات سكنية على مدى العامين المقبلين، وأتمنى أن تضخ الحكومة الأموال على مشاريع تنموية لخلق وظائف جديدة، والحد من البطالة، لأن الهاجس الأكبر للمجتمع هو السكن والوظائف".