ردت قوى الأكثرية النيابية في لبنان الاثنين على ما تثيره المعارضة، وعلى رأسها حزب الله، حول ملف ما يوصف ب"شهود الزور" في ملف اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، وقد تحدث باسمها النائب عقاب صقر، ملمحاً إلى وجود ملف يظهر أن أركان المعارضة قد تورطوا في القضية. وتناول صقر قضية الفيديو الذي بثته شبكات تلفزة بعد اغتيال الحريري، وظهر فيه شاب بمظهر عناصر التنظيمات المتشددة، يدعى أحمد أبوعدس، وتبنى تنفيذ عملية الاغتيال بهجوم انتحاري، فسأل عن أسباب إصرار مدير عام الأمن العام اللبناني السابق، جميل السيد، على عرضه والطلب من القنوات نقل ما جاء فيه. وقال صقر: "لماذا اتصل السيد بالمؤسسة اللبنانية للإرسال وطلب بث شريط أحمد أبو عدس، وعاد واتصل ليلومها على عدم البث؟ ولماذا اجتمع السيد بالمسؤولين الأمنيين في السفارات في اليوم التالي للجريمة وأبلغهم بأن أحمد أبو عدس ارتكب الجريمة؟ لماذا لم يحقق بالشريط فيرفع البصمات على الأقل؟" وأضاف صقر أن شريط أبوعدس كان مرفقاً ببيان يتحدث عن تنفيذ العملية عبر "انتحاري،" معتبراً أن هذه الكلمة لا يستخدمها عناصر الجماعات الإسلامية. كما أشار صقر إلى أن المدير السابق للأمن الداخلي، علي الحاج، أمر بعد ساعات من وقوع الاغتيال سحب سيارات موكب الحريري التي وقع فيها الانفجار، كما ذكّر بأن الأجهزة الأمنية اللبنانية التي كانت خاضعة لقوة متحالفة مع دمشق حاولت اتهام حجاج وعناصر متشددة بتنفيذ الاغتيال من خلال ترتيب أدلة تدينهم، غير أن بطلانها ظهر لاحقاً. وأضاف: "نحن لا نريد أن نتهم أحدا بأحمد أبو عدس، ولكن من يستعملونهم ضدنا، هم أنفسهم من يتحدثون عن أن أحمد أبو عدس كان موقوفا لدى مديرية المخابرات في ذاك الزمن." وعرض صقر مجموعة من الأسماء التي جرى عرضها من قبل قوى المعارضة في لبنان خلال الأيام الماضية، وبينها السوريان لؤي السقا وحسام حسام، الذي وصفه بأنه "رجل المخابرات السورية" مع العلم أن الأخير ظهر على شاشة التلفزيون السورية قائلاً إنه تلقى المال من مقربين من قوى الأكثرية اللبنانية للإدلاء بشهادته أمام المحكمة الدولية لاتهام سوريا بالوقوف خلف العملية. وتابع صقر: "هناك ملفات تبرئنا، وهناك ملفات تدين غيرنا، ولكن لن نكشفها لأننا نريد أن نطوي حقبة الاتهامات. وملف الاتهامات يرسل إلى القضاء متى دعت الحاجة." ويأتي حديث صقر قبل 24 ساعة على موعد انعقاد جلسة لمجلس الوزراء اللبناني، من المقرر أن تشهد مناقشة لقضية شهود الزور، بعد أن هددت أحزاب في المعارضة بتعليق مشاركتها في الحكومة ريثما يبت الملف. وتزامن موقف صقر مع إعلان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أنه "إذا لم تتم محاكمة شهود الزور ومن فبركهم وصنعهم لا يمكن الوصول إلى حقيقة من اغتال الرئيس الحريري بأي شكلٍ من الأشكال." لافتا إلى "العمل لتكون جلسة مجلس الوزراء حاسمة وجدية لانطلاقة التحقيق بمسألة شهود الزور." يذكر أن اللواء جميل السيد، القائد السابق لجهاز الأمن العام اللبناني، والذي أوقف لأربع سنوات على خلفية الاشتباه بضلوعه في قضية اغتيال الحريري، قبل أن يطلق سراحه في وقت لاحق، كان قد تقدم بدعوى ضد شخصيات لبنانية في سوريا، معتبراً أن للقضاء السوري الحق بالنظر في الملف بسبب اتهام دمشق أول الأمر بتنفيذ الاغتيال. وقبل أيام، أصدر القضاء السوري مذكرات توقيف بحق أكثر من 30 شخصية لبنانية وأجنبية،على رأسهم النائب اللبناني مروان حماده، ومدّعي عام التمييز سعيد ميرزا، مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي، رئيس فرع المعلومات العقيد وسام الحسن. وذلك إلى جانب وزير الداخلية الأسبق حسن السبع ووزير العدل الأسبق شارل رزق، والسفير اللبناني الأسابق جوني عبده، ونائب الرئيس السوري السابق، عبد الحليم خدام، والصحفي الكويتي أحمد الجارالله، والمحقق السابق في لجنة التحقيق الدولية، الألماني ديتليف ميليس، ومساعده غيرهارد ليمان. يشار إلى أن حزب الله، الذي يتزعم المعارضة في لبنان، ويشارك في الحكومة بالوقت عينه، كان قد أعلن أن لديه معلومات حول اتجاه المحكمة الدولية الخاصة بقضية الحريري لاتهام عناصر تابعة له بتنفيذ الاغتيال، وهو يقوم منذ فترة بالتشكيك في المحكمة، واتهامها بأنها "أداة أمريكية وإسرائيلية." وكان اغتيال الحريري عام 2005 قد أحدث انقلاباً سياسياً في لبنان أدى إلى انسحاب القوات السورية منه بعد تواجد استمر لثلاثة عقود، ودخلت دمشق بعد ذلك في حالة من العزلة العربية والدولية استمرت لسنوات، رغم نفيها المستمر لأي دور لها في ما جرى.