توالى انسحاب أعضاء "الهيئة التأسيسية للدستور" الاثنين، وسط تزايد الجدل حول سيطرة الإسلاميين على اللجنة المعنية بوضع دستور جديد لمصر، فيما دعت بعض التحركات والقوى السياسية إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مجلس الشعب الأربعاء، ضمن ما أطلقت عليه اسم "شهر إنقاذ مصر." وبعد قليل من إعلان عدد من أعضاء مجلس الشعب انسحابهم من الهيئة التأسيسية، أعلن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر انسحابه هو الآخر، مشدداً على "رفضه الكامل لعودة أي قوى تحاول السيطرة على مقدرات الوطن ومكتسباته"، كما أكد تضامنه مع كافة القوى والتيارات السياسية، في إعلان رفضها تشكيل هذه الهيئة. ودعا رئيس اتحاد العمال، أحمد عبد الظاهر، في بيان له عقب الاجتماع الطارئ بمقر الاتحاد الاثنين، القوي الوطنية بمنع انعقاد الهيئة التأسيسية للدستور، والدعوة لتشكيل لجنة أخرى، يحظر في عضويتها السلطة التشريعية، مشدداً على "أهمية التمثيل الحقيقي للعمال والفلاحين." وكشف عبد الظاهر، بحسب ما أورد موقع "أخبار مصر"، التابع للتلفزيون الرسمي، نقلاً عن وكالة أنباء الشرق الأوسط، عن أن الاتحاد العام لنقابات العمال قام برفع دعوى قضائية ببطلان تشكيل هذه الهيئة، محذراً من "المساس بمكتسبات العمال، التي حصلوا عليها منذ ثورة 1952." وفيما بدا أنه رد على تبرير البعض لسيطرة جماعة "الإخوان المسلمون" على اللجنة التأسيسية للدستور، بعد فوزها بغالبية مقاعد البرلمان، قال نائب أمين عام اتحاد العمال، عبد الفتاح خطاب، إن "هناك ما يقرب من 60 مليون مواطن لا يمثلهم مجلس الشعب، وهم الذين لم يذهبوا للتصويت للإسلاميين في الانتخابات." كما اعتبر نائب رئيس الاتحاد، جبالي المراغي، أن "الحركة النقابية في مصر، تتعرض لهجمة شرسة، جراء مسح هويتها"، وأضاف أن "هناك خطر تمارسه القلة، تحت شعار مصطلح الأغلبية"، مشيراً إلى تجاهل العديد من شرائح المجتمع، وفي طليعتهم العمال، والفلاحين، والمثقفين، والعلماء، والشباب، والأقباط، والمرأة. ووصف المراغي ذلك التوجه بأنه "إهدار متعمد لمدنية الدولة، من خلال إعلانهم التمسك بتشكيل لجنة منهم تتولى إعداد الدستور، الذي يحدد مسار مستقبل هذا البلد لأجيال قادمة، مما يؤكد أن الدستور الذي يخدم اليوم مصالح قلة ربما تصبح في الغد أغلبية، وهذا ما لم يكن يحدث في الدساتير المعدة مسبقاً." إلى ذلك، كشف رئيس حزب "الجبهة الديمقراطية"، السعيد كامل، أنه أوكل أحد المحامين، للطعن على قرار مجلسي الشعب والشورى، الخاص بمعايير اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية، على أساس 50 في المائة من داخل البرلمان، و50 في المائة من خارجه، والدفع ببطلان هذا القرار. ونقل موقع التلفزيون المصري عن كامل قوله إن "الأغلبية الحالية تمارس نفس سياسة النظام السابق، في اتخاذ القرارات، فقد اصطنعت لنفسها معارضة مستأنسة، واتخذت منها ديكوراً لتمرير ما تشاء، والتغطية على فشل البرلمان"، بحسب قوله. من ناحية أخرى، أعلن "الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي" أن تشكيل اللجنة الدستورية "جاء مخيباً لآمال الشعب المصري، ولا يعبر عن روح التوافق الوطني العام، التي كنا ولا زلنا نسعى إلى بنائها." وأكد الحزب، بحسب المصدر نفسه، أن "تشكيل اللجنة جاء مؤكداً على حرص الإخوان والسلفيين على الانفراد بوضع الدستور، وهو الأمر الذي ترفضه كل القوى الاجتماعية والسياسية في البلاد." كما أعلن حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي" انسحابه من اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور، اعتراضاً على "طريقة اختيارها غير الممثلة لجميع شرائح المجتمع وطبقاته"، بحسب بيان صدر عن الحزب في وقت سابق الأحد. إلى ذلك، دعت حركة "6 أبريل" إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مجلس الشعب الأربعاء، لإعلان رفض مبدأ تقسيم الهيئة التأسيسية لإعداد الدستور، بحيث يكون نصفها من أعضاء البرلمان، الذي يسيطر عليه الإسلاميون، والنصف الآخر من خارج الأعضاء. وقالت الحركة، في بيان "سقط الرئيس.. وبالتبعية سقط الدستور.. ولزم لذلك وضع دستور جديد.. دستور يجتمع عليه مختلف طوائف المجتمع.. وتم الاستفتاء.. وسيتم انتخاب مائة عضو من مختلف الطوائف لوضع الدستور.. وإذا بنا نجد أن فصيل بعينه هو من سيستأثر بوضع الدستور أو اختيار من يضعه." وتابعت الحركة في بيانها: "مما يوضح أن هناك اتجاه لوضع دستور لا يمثل إلا أفكار هذا الفصيل وتوجهاته ومصالحه.. بما يتنافى مع المبادئ والأهداف التي قامت من أجلها ثورة شعب مصر.. لذا وجب تصحيح هذا المسار برفض فكرة ال50 في المائة، في تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور." ودعت حركة 6 أبريل (الجبهة الديمقراطية)، في البيان الذي حمل توقيع المتحدث الإعلامي للحركة وعضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة، طارق الخولي، مختلف الحركات الشبابية، والقوى السياسية والثورية، للوقوف ضد هذا "الانفراد المتعنت، بعدة فاعليات." وفيما أوضحت الحركة أن أولى هذه التحركات تتمثل في الوقفة الاحتجاجية التي دعت إلى تنظيمها أمام مجلس الشعب، في الثانية من ظهر الأربعاء، وهو نفس توقيت انعقاد جلسة مجلس الشعب، فقد ذكرت أن "البقية تأتي"، في إشارة إلى تحركات تالية، لم تكشف عن طبيعتها.