ساهمت رحلات العقيلات في اكتشاف مجتمعاتٍ أخرى، تختلف لوناً وديناً وقيماً. خلق ذلك لوناً من التسامح حينها. انغلق المجتمع على نفسه حيناً من الدهر، لكنه سرعان ما عاد لخاصيته الأولى، «السفر». ترى السعوديين في كل مكان. ويمتلك المقتدرون منهم بيوتاً في الشرق والغرب. وعلى أبواب الإجازات ومع اشتداد وطأة الحر تجهّز الحقائب وتشدّ الرحال، وتمتطى الطائرات. السفر اكتشاف ذاتي لوجودٍ آخر، بيئة مختلفة، أرض أخرى، ثقافات متنوّعة. الجيل السعودي الشاب لا يلام كثيراً، يريد أن يرفّه عن نفسه، قد تكون أسفاره عبثية، وقد يبدد الوقت في السهر واللهو العابر، من دون اكتشافٍ حقيقيّ للمدن، بسبب ضعف ترتيب الرحلة، فالأمكنة مثل الناس تستحق التعرّف عليها، وربما التعلّم منها. تأتي الدول التي لديها حضارات مؤثرة مثل الدول الأوروبية على رأس قائمة ما يستحق أن يزار، ويمكن بالتزامن مع الترفيه وحقّ الإنسان بالاستمتاع بالوقت، أن يزور السائح المتاحف، ويقطع تذاكر المسرحيات الشهيرة، ويتعرّف على التماثيل، ويتجوّل في تفاصيل المدينة، وربما كتب ملاحظاتٍ بيده على ما يراه، سيكوّن هذا ثراء ذاتيا للإنسان، إذ يجمع بين المتعة والمعرفة. أياً تكن حالات السفر، أو مستوى مردودها على الذات فإن التجوّل والسير في أرض الله فيه خير كبير، على الأقل نكتشف أن الآخر ليس شيطاناً، بل هو وجهٌ آخرٌ لنا، فالبشر إخوة على هذا الكوكب!.