للكاتب والفيلسوف الفرنسي فولتير كلمة مشهورة ورائعة وهي "قد أخالفك في الرأي ولكني قد أدفع حياتي ثمنًا لتقول رأيك بحرية"، وبينما أتفقد عدد التهم والشكاوى المرفوعة ضد اعلاميين وصحف بنجران من قبل مسؤولين يحاولون إسكات أي صوت ينتقد أداءهم أو يكشف عن أي فساد في مؤسساتهم، استحضرت هذه الكلمة لفولتير وحاولت أن أجد لها مكاناً هنا في "نجران" الحبيبة وخصوصاً في علاقة المسؤول بالصحافة، وبالطبع لم أجد لها مكانًا على الإطلاق إلا مع قليل من التحريف لتناسب الموقف، يقول فولتير (المسؤول في نجران): "قد أخالفك في الرأي ولكني سأدفع حياتي ثمناً إذا قلتَ رأيك بحرية". صدق المسؤول الكبير، فلو تمكن الصحفي من الوصول للمعلومة وتمكن من النجاة من التهم المعلبة التي تلاحقه وتوفرت له الأدوات الصحافية التي تخول له الكشف عن الحقيقة وكشف الواقع في كثير من مؤسساتنا سيكون مصير الكثير من المسؤولين خلف القضبان يقضون ما تبقى من حياتهم.
النفس البشرية بطبيعة الحال تميل إلى أنواع عدة من الفساد والتملص من المسؤولية، لذلك تتعدد أنواع الرقابة على أي مسؤول يتولى أمرًا عاماً – أو هكذا ينبغي – ورقابة الجمهور على المسؤول هي من أصدق أنواع الرقابة، لأنها تكشف الحقيقة من خلال الملامسة الواقعية وبعيداً عن أي بهرجة أو زيف، والصحافة هي منبر هذا الجمهور وحلقة الوصل بين القيادة والشعب لإيصال صوتهم إلى قيادة الأمة؛ لمعالجة أي خلل استطاع المسؤول الهروب به من الثغرات الإدارية.
ومن هذا المنطلق فإن الصحافة من الشعب وللشعب ولخدمة قضايا الأمة، ولا يمكن أن يُسكت صوتها بعض مصالح الفاسدين على حساب مصلحة الأمة، كما يأمل ذلك بعض الفاسدين.
تدرك قيادتنا الرشيدة أهمية دور الصحافة وهو ما ينعكس على واقع الصحافة السعودية الإلكترونية والورقية كماً ونوعاً، أما محاولات بعض أولئك المسؤولين لإلغاء هذا القدر المسموح من قيادتنا في التعبير عن الرأي ومناقشة قضايا الأمة عن طريقة الملاحقة القضائية فستبوء جميعها بالفشل، وسيظل الجمهور عيناً عليهم وستظل الأقلام النزيهه عوناًً لهم؛ فهذا مستقبل أمتنا وأبنائنا وأجيالنا القادمة برغم الأنوف والكروش.