أوضح معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي أن الطاقة ممثلة بالوقود الأحفوري الذي يعد أكثر مصادرها ديمومة , تظل القوة الدافعة للتنمية الاقتصادية في المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة والكثير من دول العالم المتقدمة والنامية . وقال معاليه في كلمة ألقاها في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ، في العاصمة الأمريكيةواشنطن ” إن قطاع النفط العالمي يوفر الوظائف ويدعم التصنيع ويدفع النقل ويغذي الابتكار ويعزز التقدم الاقتصادي , وساعد الولاياتالمتحدة في أن تصبح القوة العالمية الرائدة ، كما مكن المملكة من أن تصبح ضمن مجموعة العشرين ، وساعد دولاً مثل الصين في أن تقدم لمواطنيها فرصاً اقتصادية غير مسبوقة ، كما ساعد في رفع مستويات المعيشة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية “. وأضاف ” الوقود الأحفوري هو مصدر الطاقة الذي يتصف بالديمومة الحقيقية والقدرة على البقاء طويلا في المستقبل ، ويسرني أن أرى الثقة تتجدد هنا اليوم في طول العمر لهذا الوقود , ومع أن البدائل الأخرى المكلفة نسبياً مثل الطاقة الشمسية وغيرها ستكون جزءاً من مزيج الطاقة ، تبقى للوقود الأحفوري مكانته المتفردة من حيث التكلفة والموثوقية والفعالية , وستكون الخطوة الأخيرة بطبيعة الحال هي البحث عن وسيلة للقضاء على الآثار الجانبية السلبية التي يخلفها حرق الوقود الأحفوري على البيئة ، غير أني لا أزال واثقا من أنه إذا تم استثمار الموارد والقدرات العقلية الكافية في هذا الصدد ، فسيتم التغلب على هذه الآثار ومحوها”. وأفاد معالي وزير البترول والثروة المعدنية أن مشهد الطاقة في الولاياتالمتحدة يتطور بشكل ملحوظ حيث تحدث الاحتياطيات النفطية المستخرجة بكميات تجارية من صخور السجيل والمناطق الكتيمة قليلة المسامية والنفاذية تحولات في صناعة الطاقة الأمريكية , وتساعد في الحفاظ على الاقتصاد الأمريكي وتوفر فرص العمل في وقت صعب . وأشار إلى أن صادرات نفط الشرق الأوسط إلى الولاياتالمتحدة كانت أعلى في الأشهر الستة الأخيرة من عام 2012 منها في أي وقت خلال التسعينات من القرن الماضي ، وأن الولاياتالمتحدة كانت وستظل المستهلك الرئيس للطاقة ، وستواصل تلبية الطلب المحلي لديها من خلال الاستفادة بمجموعة واسعة من المصادر المختلفة ، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط . وقال ” إذا كنا نتحدث عن الخام والمنتجات السائلة معا ، فإن الولاياتالمتحدة هي ثالث أكبر دولة مصدرة في العالم ، بعد السعودية وروسيا ، ونحن جميعا جزء من السوق العالمية ، وليس هناك بلد مستقل حقا في مجال الطاقة , لذا فكما لم أكن أبداً مقتنعا بنظرية ذروة النفط ، أراني لا أذهب مع الرأي القائل بأن زيادة إنتاج سوائل الولاياتالمتحدة تعني أن الولاياتالمتحدة يمكن أو ينبغي أن تنأى بنفسها عن الشؤون الدولية , وأنا لا أعتقد أن ذلك سيكون من مصلحة أحد ولا أعتقد أنه سيحدث , والواقع أنه ربما لا يكون السؤال هو كيف يمكن للولايات المتحدة تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة ، بل إلى أي درجة ستكون مستعدة في المستقبل لتصدير إمداداتها من النفط والغاز ” . وأردف قائلاً ” إن المملكة قد سعت مراراً في أوقات الشدة لتعويض أي نقص في الإمدادات , حدث هذا بعد إعصار كاترينا وأثناء النزاعات العمالية في فنزويلا وفي أعقاب الانتفاضة الليبية , وفي عام 2009 حققت المملكة زيادة في طاقتها الإنتاجية من 10.5 إلى 12.5 مليون برميل في اليوم , وكان هذا قراراً استثمارياً ما كنا لنتخذه في العادة بسبب المناخ الاقتصادي العالمي ، ولكن الضرورة حتمت اتخاذه وثبتت حكمته ، فقد كانت المملكة هي وحدها من يملك الطاقة والقدرة التي تؤهلها لاتخاذ خطوات كهذه ولم تقصر يوما في التزامها باستقرار سوق الطاقة العالمية”. وأبان معالي وزير البترول والثروة المعدنية أن السياسة النفطية الرشيدة في المملكة هي الاهتمام بتوازن سوق النفط بما يؤدي إلى اقتصاد عالمي سليم ، وليس من أهداف السياسة النفطية للمملكة أن ترتفع الأسعار بأي تكلفة , مؤكدا أن المملكة وأمريكا لديهما تاريخ مشترك وعلاقات وثيقة بدأت مع النفط لكنها أعمق بكثير من مجرد علاقة بسيطة بين مستهلك ومنتج , وقال ” تحالفنا فيما هو أكثر من النفط ، حيث شكلت الشركات الأمريكية أساساً لما يعرف اليوم بأرامكو السعودية ، إحدى أفضل شركات النفط في العالم ، ولا يزال الآلاف من مواطني الولاياتالمتحدة يأتون للعمل في المملكة ، كما لا تزال الجامعات الأمريكية تساعد في تعليم شباب المملكة وتأهيلهم”. وتحدث معاليه عن الوضع الحالي للطاقة والتوقعات الاقتصادية في المملكة , وقال ” شهدت بلادي في حياتي تحولا ملحوظاً ، ففي غضون 100 سنة فقط تغيرت المملكة من منطقة يضربها الفقر والمجاعة إلى دولة توفر الآن العديد من المدارس والجامعات والمستشفيات والبنية التحتية المزدهرة لشعبها , وكان العقد الماضي على وجه الخصوص شاهداً على كيفية استفادة المملكة من عائداتها النفطية إلى أقصى درجة , فمنذ عام 2002، تضاعف رأس المال المستثمر في المملكة إلى ما يقرب من 140 بليون دولار ، كما زادت الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال نفس الفترة 36 مرة لتصل إلى 16.4 بليون دولار , وها نحن نشهد موجة جديدة في مجال التصنيع ، ونعمل على تطوير قطاع البتروكيماويات لدينا ، ونعزز قدراتنا في مجال التكرير والمعالجة والتوزيع ” . ومضي يقول ” المملكة أكبر مصدر للأسمدة في العالم ، وهي تبني خبرات متزايدة في مجال التصنيع ، وتعمل على تطوير صناعات معدنية جديدة , وستستمر المملكة في تحقيق الاستفادة القصوى من الميزة التنافسية التي تتيحها احتياطياتها النفطية الوفيرة ، ولكن هدفنا النهائي هو تنويع اقتصادنا بعيداً عن الاعتماد المفرط على عائدات النفط ، ونحن نحرز تقدما واضحا في هذا الصدد , ففي عام 1973، كانت مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي في المملكة 65% ، وفي العام الماضي كانت أقل من 30% , ونحن نحقق نمواً اقتصادياً مستداماً على المدى الطويل، وهذا في جوهره إنما يعني توفير فرص عمل لشبابنا وتشجيع المشاريع وتوفير البيئة المناسبة للابتكار والتقدم , وهذه ليست بالأمور السهلة، ولا تتحقق بين عشية وضحاها، لكننا ماضون في تحقيقها”. وبين معالي وزير البترول والثروة المعدنية أن هذه الإستراتيجية تحتاج إلى زيادة استخدامنا للغاز الطبيعي وتطوير مصادر الطاقة المتجددة الأخرى ، وليس أقلها الطاقة الشمسية التي نتمتع أيضا بميزات إنتاجها مع وفرة السيليكا وأشعة الشمس والمساحة , آملا الاستعانة بالطاقة الشمسية لتلبية حصة متزايدة من احتياجاتنا من الكهرباء ، بل وفي إرساء صناعة مزدهرة وبناء خبرات في مجال الطاقة الشمسية في المملكة . واستطر معاليه قائلاً ” ندرك الحاجة إلى الحد من الاستخدام غير الفعال للطاقة في المملكة , فقد كان من الطبيعي أن تقابل الوفرة في الموارد الطبيعية التي حبانا الله بها بطفرة في استهلاكها محليا ، ولكني أود أن أقول أن المملكة قد أدركت الحاجة إلى معالجة هذا الوضع وتتخذ تدابير مهمة لتلبية هذا الطلب عبر جهود الكفاءة في استهلاك الطاقة ومن خلال الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة , ونعلم أن زيادة استهلاك الطاقة محليا ليس بالأمر المحبذ عموما ، لكننا نرى مع ذلك أن الاستهلاك الذي يولد قيمة اقتصادية حقيقية يعد أمراً إيجابيا , ونحن نستخدم عائدات الطاقة أيضا للاستثمار في أكثر أصولنا أهمية ممثلا في الثروة البشرية ، حيث نستثمر في المدارس والجامعات ، ونحاول أن نكسب شبابنا المهارات التي سيحتاجون إليها للمنافسة في القرن الحادي والعشرين , وذلك لن يحدث بين عشية وضحاها ” . وتابع يقول ” عندما جئت إلى الولاياتالمتحدة في عام 1959 ، كان عدد الطلاب السعوديين في الجامعات الأمريكية يعد على أصابع اليد ، واليوم ننفق عشرة في المائة من ميزانية المملكة على التعليم العالي ، ويرعى برنامج الملك عبدالله للابتعاث حوالي 150 ألف طالب في جميع أنحاء العالم للحصول على المؤهلات الجامعية نصفهم تقريباً في جامعات الولاياتالمتحدة , وهذا عدد هائل سيكون له تأثير عميق على مستقبل المملكة ، كما أنه يؤكد مدى أهمية كل من البلدين لدى الآخر “.