أوضح معالي وزير البترول والثروة المعدنية علي بن إبراهيم النعيمي أن النمو على طلب الطاقة سيرتفع بنسبة 40 بالمائة في غضون العقدين المقبلين حيث يبدأ المزيد من البشر في تحقيق مستويات معيشية أفضل يحتاجون معها لمزيد من الطاقة لدعم تحسن في نوعية وأنماط معيشتهم مشيراً إلى أن على النقيض من الاقتصادات الغربية الناضجة تشهد جميع الاقتصادات الآسيوية الصاعدة نمواً هائلاً لا سيما الهند والصين وبعض دول الشرق الأوسط حيث شرعت الطبقات الوسطى التي نشأت حديثاً في اقتناء السيارات والسفر بشكل أكثر وشراء المزيد من البضائع الاستهلاكية. وقال معاليه في كلمة له أمس أمام قمة اسبوع الطاقة السنغافوري الدولي لعام 2010 المنعقد حالياً في سنغافورة أن هذه القمة تعد المكان المناسب لإستكشاف أفضل السياسات والحلول لبرنامج الطاقة الذكية والموازنة بين التنمية الاقتصادية وأمن الطاقة والاستدامة البيئية والمالية. ورحب معاليه بإتاحة الفرصة لطرح وجهة نظر المملكة العربية السعودية حول دعم اقتصاد الطاقة الذكية موضحاً أن حدوث تغيرات سريعة على مسرح الطاقة تتطلب الاستعداد لتلبية الطلب المتنامي على الطاقة ضمن معايير لإمدادات الطاقة الذكية تتمثل في الكفاية ومعقولية التكلفة والتوافق مع الضرورات البيئية. وأضاف أن المحرك الرئيس في هذا المشهد هو التحول الهيكلي للطاقة حيث تتجه معظم معدلات النمو الاقتصادي إلى قارة آسيا ولسنا بحاجة لأن ننظر لأبعد من سنغافورة بوصفها واحدة من أكثر الاقتصادات نمواً في العالم ودلالة عالمية على بزوغ فجر القرن الآسيوي. وبين معالي وزير البترول والثروة المعدنية أنه من المتوقع أن ينمو الطلب على الطاقة بنسبة 40 بالمائة في غضون العقدين المقبلين حيث يبدأ المزيد من البشر في تحقيق مستويات معيشية أفضل يحتاجون معها لمزيد من الطاقة لدعم تحسن في نوعية وأنماط معيشتهم ويقف وراء هذا الطلب الجديد تطلعات العالم النامي للحصول على المزيد من الطاقة والنمو الكبير في عدد سكان العالم بمقدار بليوني نسمة خلال السنوات العشرين القادمة لذا ففي حين تعطي الأعداد المتزايدة من السيارات في شوارع شنغهاي مؤشراً واضحا على الكثافة الجديدة لاستهلاك الطاقة في آسيا يتبدى أثر هذا الاستهلاك المرتفع بطرق أخرى أقل وضوحا فقبل عشرين سنة كانت أعداد قليلة جداً من الآسيويين لا سيما في المناطق الريفية تستخدم وسائل النقل الخاصة بشكل معتاد أما اليوم فإننا نرى استهلاك قارة آسيا من الطاقة يتراوح ما بين سنغافورة التي ظهرت فيها الطائرات الفاخرة من طراز إيرباص السوبر جامبو لأول مرة وهي طائرات تستخدم أنظف المحركات التوربينية المروحية إلى الصين التي تعتبر أكبر مستهلك للطاقة في العالم ومع تكافؤ القوة الشرائية للطبقات الوسطى والعليا الجديدة كما يتضح من خلال تزايد سفريات العمل والسياحة والنقل الخاص وزيادة استهلاك السلع فسوف تستأثر آسيا بنسبة 60 في المائة من النمو العالمي في الطلب على الطاقة بحلول عام 2030 ومن هنا فإنه من أجل أن نضفي طابعا إنسانياً على هذا التحول الهيكلي علينا فقط أن ننظر إلى مئات الملايين من البشر في آسيا ممن هم الآن في وضع أفضل من خلال تحسن ظروف معيشتهم أو هؤلاء الذين يحدوهم الأمل في الخروج من فقر الطاقة. وأشار معالي وزير البترول والثروة المعدنية إلى أن هذا الواقع الاقتصادي والاجتماعي الجديد يؤكد الحاجة إلى سياسة للطاقة الذكية فالتوجيهات الحكومية والمصلحة العامة في أنحاء العالم تسعى للتوفيق بين استهلاك الطاقة واستدامتها ويعد هذا النهج المزدوج منطقيا حيث أن العثور على مزيد من الطاقة واستخدامها أفضل استخدام ممكن هما في حقيقة الأمر وجهان لعملة واحدة وهناك الكثير من الإيجابيات فيما يتعلق بالطاقة الذكية فبعيداً عن الحكمة الكامنة في سياسة الموازنة بين استهلاك الطاقة والمحافظة عليها تدعم الطاقة الذكية هذا التزاوج الطبيعي بين المعدات والبرمجيات للخروج بشبكة مثالية للطاقة إلى جانب العدادات وأجهزة القياس الدقيقة والمبتكرة والأجهزة الأخرى التي تساعد في استخدام أكثر كفاءة للطاقة فضلا عن إسهامات مصادر الطاقة المتجددة ومع ذلك فهناك كلمة تحذير مستحقة نخفف بها من مغالاتنا بشأن جاهزية مصادر الطاقة الجديدة للاستخدام اليوم. وأفاد معاليه أن الحماس المبكر بشأن مزايا المصادر المتجددة يضعنا أمام خطر اعتبار الطاقة الذكية مرادفا للطاقة الجديدة فبهذه النظرة يكون مفهوم الطاقة الذكية قد همش تحديداً دور الوقود الأحفوري بوصفه طاقة قديمة والواقع أن بعض الحكومات تقوم من باب السياسة بالتركيز على الطاقة النظيفة كوسيلة لتحقيق الاستقلالية في مجال الطاقة والابتعاد عن الوقود الأحفوري ومثل هذه النظرة الضيقة تقود إلى حلبة سباق غير متكافئة الفرص تشهد نوعاً من المحاباة للطاقة البديلة من جانب السياسات والموارد الاستثمارية الأمر الذي يعوق بالتالي قدرة الوقود الأحفوري على المنافسة والإسهام في سوق الطاقة كما أنها تؤدي إلى مخاطر لا لزوم لها تتمثل في أن هذه المصادر الأحدث قد لا تكون كافية بما يسمح باسترداد الموارد الاستثمارية الضخمة من حيث الوقت والمال وعليه يتعين أن يقوم الوقود الأحفوري بسد الفجوة إلى أن تتمكن الطاقة النظيفة من إثبات نفسها بصورة مستمرة والتغلب على العقبات الخاصة بالتكلفة والبنية التحتية. وقال معاليه إن المملكة العربية السعودية ترى أن لكل نوع من أنواع الطاقة دوره كما ترى أن الوقود الأحفوري والبترول في المقدمة سوف يتحمل العبء الأكبر في تلبية الطلب العالمي وأن المصادر المتجددة ستكون مكملة له ومن ثم فإن هدفنا هو توفير البترول الذي يحرك آليات العالم الاقتصادية والاجتماعية والاستفادة من التقنية والابتكار لجعل استخدام البترول أكثر نظافة مع تطوير مصادر الطاقة المتجددة حتى تتمكن من الإسهام بشكل مفيد في مزيج الطاقة. وتابع يقول أنه من حيث الاعتبارات الأساسية المتعلقة بالكفاية والموثوقية سوف يعتمد العالم على الوقود الأحفوري على مدى السنوات الخمسين المقبلة فهذه الزيادة الهائلة البالغة 40 بالمائة في الطلب العالمي على الطاقة خلال السنوات العشرين القادمة والمدفوعة في جزء منها بزيادة السكان بنحو بليوني نسمة خلال تلك الفترة سوف يتم تلبية 85 بالمائة منها عن طريق الوقود الأحفوري في المقام الأول وترى المملكة العربية السعودية من جانبها أن أساسيات العرض والطلب فيما يتعلق بالطاقة الذكية متوفرة بشكل جيد في الطاقة الاحفورية والمملكة بوصفها أكبر منتج للبترول في العالم وباحتياطيات مؤكدة تبلغ 264 بليون برميل وبمستوياتها الإنتاجية الحالية يمكن أن تستمر في إمداد البترول لمدة 80 سنة أخرى، حتى لو لم تعثر على برميل إضافي واحد خلال تلك الفترة مع أننا نعثر على المزيد من هذه البراميل والواقع أنه رغم إنتاج 62 بليون برميل من النفط بين عام 1990 و 2009 لم تتناقص احتياطياتنا فمن خلال الاكتشافات الجديدة والمحسنة، استطعنا إضافة كميات من البترول تعادل إنتاجنا السنوي منه وهذا ما نفعله منذ عشرين عاما. ولفت معالي وزير البترول والثروة المعدنية الانتباه إلى انه بالنظر إلى زيادة الطلب العالمي فإنه من المتوقع أن تكون هناك حاجة لنحو 26 تريليون دولار من الاستثمارات في مجال الطاقة وتقوم شركات بترولية ذات الموارد المالية على غرار أرامكو السعودية بإنفاق المال لتوفير المزيد من الإمدادات ففي العام الماضي أنجزت أرامكو السعودية أضخم برنامج استثماري في تاريخها بتكلفة تجاوزت 100 بليون دولار شملت مشاريع كبرى في مجال البترول والغاز وسوائل الغاز الطبيعي والتكرير والبتروكيماويات وقد مكنت مشاريع البترول والغاز المملكة من زيادة طاقتها الإنتاجية القصوى إلى 5ر12 مليون برميل في اليوم وهي قدرة لا تضاهى في الصناعة البترولية والأهم أنها تنطوي على أخبار سارة فيما يتعلق بأمن الطاقة وبالتحول من معيار الكفاءة إلى عامل الاستدامة لا يزال البترول قادراً على اجتياز اختبار الطاقة الذكية فمن خلال التقدم العلمي والتقني يحافظ المنتجون على هذه الإمدادات من خلال تحقيق قفزات في مجال الاستخلاص الأفضل والممارسات الأقل هدراً والحد من الانبعاثات الصادرة وتحسين كفاءة استخدام الوقود. وأوضح أن حجر الزاوية في الطاقة الذكية هو البحث والتطوير وينطبق الشيء نفسه على البترول كما أن تخفيف أثر العمليات والمنتجات البترولية على البيئة أحد الأهداف المهمة في الصناعة فمع استثمارنا في الإمدادات نقوم أيضا بتخصيص استثمارات ضخمة لتحسين الاستدامة البترولية وهي مظلة واسعة تضم الكفاءة والقدرة على تحمل التكاليف والسلامة وحماية البيئة كما أن بعض أهم الابتكارات البيئية ينسجم مع الاستخدامات الهامة للنفط في مجال النقل وتركز المملكة العربية السعودية على تركيبات الوقود الأقل تلويثا للبيئة وتكنولوجيا المحركات النظيفة وعلى الصعيد المحلي نقوم بتنفيذ خطة لخفض نسبة الكبريت في أنواع مختلفة من الوقود المستخدم في المملكة وإلى جانب الابتكار تأتي الريادة المعرفية كاستراتيجية جديدة للمحافظة على الطاقة ويسهم مركز الملك عبدالله للدراسات والأبحاث البترولية وهو مركز عالمي لأبحاث ودراسات الطاقة والبيئة بآرائه ومعارفه المفيدة في متابعة أوضاع الطاقة العالمية. وقال إن المملكة تلتزم بإجراء الأبحاث مع تصنيع وتسويق المصادر الواعدة من تلك الطاقة كما ينعكس تنوع الاهتمام بالطاقة في المملكة بصورة أكبر من خلال مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة التي تم إنشاؤها حديثا للبحث وتطوير هذه المصادر وتعد الطاقة الشمسية أحد الاهتمامات التنموية للمملكة ويتضح تحول المملكة إلى اقتصاد المعرفة الذي يستفيد من خبرات الطاقة والموارد من خلال الاستثمارات التي تركز على الأبحاث والتطوير مثل جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وتتمثل مهمتها في إيجاد حلول عالمية من خلال أبحاث تعاونية تشمل التركيز بشكل واسع على استخدامات الطاقة الشمسية، حيث تضم مركزاً هاما لأبحاث هندسة الطاقة الشمسية والبديلة وهو مركز مكرس لإضفاء الجدوى التجارية على الطاقة الشمسية من خلال خفض تكاليفها. معالي وزير البترول والثروة المعدنية أنه مع ضرورة إيجاد مصادر للطاقة المتجددة فإنه يمكنها أن تسهم بشكل مفيد في مزيج الطاقة المتنوع حيث إن حصة الطاقة المتجددة من مزيج الطاقة اليوم لا يزيد على 2 في المائة ومن المتوقع أن تصل هذه الحصة إلى 4 في المائة بحلول عام 2030 وحتى لو تطورت هذه الحصة بصورة أسرع لتتضاعف في هذين العقدين فإن ذلك سيكون تقدما جيداً ولكننا مع ذلك لا نزال نتطلع إلى مجرد 8 بالمائة وفي حين يجب أن تنضم الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى مزيج الطاقة فإن طبيعتهما المتقطعة يجب أن تحقق زيادة مجربة وحقيقية لأنهما مثل مصادر الطاقة البديلة الأخرى قد وجدتا لتحققا نضجاً كاملاً وقدرة على البقاء. وشدد على أن موقف المملكة العربية السعودية لا يحبذ الحد من استخدام الوقود الأحفوري بشكل قد يحد كثيراً من النمو الاقتصادي والاجتماعي بل إن هدفها هو تزويد السوق بالبترول للمساعدة في التنمية والرخاء الاقتصادي مع تحسين الأداء البيئي للنفط من خلال البحث والتطوير المستمرين والإسهام في تنويع مصادر الطاقة من خلال تطوير الطاقات المتجددة وهي إلى جانب منتجي المصادر الأخرى نرحب بالطاقة الذكية ومصادرها المتجددة ضمن مزيج حيوي للطاقة ولعل الهدف من استخدام المملكة للطاقة على النحو الأمثل يتضح كأفضل ما يكون من خلال اختيارها للطاقة الشمسية كوسيلة لتحقيق مرونة الوقود فيها فاستخدام الطاقة الشمسية في سد بعض الاحتياجات يمكن المملكة في نهاية المطاف من أن تحد من استهلاكها من البترول والغاز محلياً وبالتالي يسمح بتصدير المزيد من البترول لعملاء المملكة في آسيا وأماكن أخرى من العالم.