لا تزال ملابسات "سقوط" رئيس جهاز الاستخبارات الأمريكي السابق، ديفيد بتريوس، وتنحيه بسبب علاقة خارج إطار الزوجية، تهز أروقة واشنطن، نظراً لكونها فضيحة تتجاوز الفضائح الجنسية التي اعتادتها الإدارة، وتمس أعلى مسؤول أمني أمريكي ما قد يعنيه لاحتمال تعريض الأمن القومي للبلاد للخطر. وفرضت فضيحة الجنرال صاحب الأربع نجوم، 60 عاماً، عدد من التساؤلات بشأن احتمالية حدوث اختراقات على عدد من الأصعدة، منها الأمن القومي والسياسة، وحتى هجوم بنغازي الذي راح ضحيته أربعة أمريكيين، من بينهم السفير كريتسوفر سيتفنز، في 11 سبتمبر/أيلول الماضي. واستدعى ذلك تصريحات "صديقة" بتريوس، باولا برودويل، 40 عاماً، التي عزت الهجوم إلى محاولة مسلحين ليبيين تخليص عدد من رفقائهم احتجزوا بملحق بالقنصلية تابع لوكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي أيه." "الغيرة" توقع ببتريوس قالت مصادر حكومية مطلعة على مجرى التحقيقات ،إن غيرة برودويل قادت لكشف علاقتها السرية بالمسؤول الأمني، بإرسالها رسائل تهديد عبر البريد الإلكتروني لامرأة أخرى تدعى جيل كيلي، 37 عاما. وهنا أكد بتريوس بأنه لم تربطه علاقة خارج إطار الزوجية سوى مع برودويل. وكان قد قدم استقالته للرئيس الأمريكي، الجمعة، عقب انكشاف تلك العلاقة. وهزت استقالة الجنرال السابق، الذي أدار حربي أمريكا في كل من العراق وأفغانستان، أروقة الكونغرس ودعا أعضاؤه، من الحزبين، مكتب التحقيقات الفيدرالية إطلاعه على سير التحقيقات وسط تكهنات بشأن تأثير استقالة بتريوس على سير التحقيقات القائمة في الوقت الراهن حول هجوم بنغازي. لماذا الاستقطاب الكبير لفضيحة بتريوس؟ ورغم تأكيدات محللين بأنه ما من أدلة على حدوث اختراق أمني بسبب العلاقة، تدور تكهنات على نطاق واسع بحصول برودويل على معلومات سرية، وازدادت تلك القناعة بفضل تصريحاتها السابقة حول هجوم بنغازي. ونفى مسؤول استخباراتي بارز للشبكة تصريح برودويل باحتجاز معتقلين في مقر ل"سي آي أيه" ملحق للقنصلية: "هذه المزاعم عارية من الصحة، لم يحتجز أي كان في ملحق، قبل أو أثناء أو عقب الهجمات." ومساء الاثنين، تواجد محققون من "اف بي آي" بمنزل برودويل بمنطقة "شارلوت" بنورث كارولاينا، ورفضت الناطقة باسم الجهاز الأمني، الإفصاح عما يفعلونه هناك. وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز"، الأحد، إلى عثور المحققين على معلومات سرية في جهاز الكمبيوتر المحمول لبرودويل، واستشهدت بتصريحات لمحققين نفى فيها بتريوس تقديمه تلك المعلومات ل"صديقته." أوضح مصدر استخباراتي بقوله: "إقامة ضابط بوكالة الاستخبارات المركزية لعلاقة خارج إطار الزوجية لا ينظر إليها تلقائياً بأنها اختراق أمني." علاقة بتريوس ببرودويل التقيا للمرة الأولى أثناء دراستها في جامعة هارفارد عام 2006، ووضعت افتتاحية لكتاب تناول السيرة الذاتية للجنرال السابق ساعدت في إعداده، وهي حالياً ضابط في قوات الاحتياط. بدأت علاقتهما بعد شهرين من تولي بتريوس رئاسة جهاز التجسس الأمريكي في سبتمبر/أيلول العام الماضي، وانتهت، برضا الطرفين، منذ أربعة أشهر مضت. وحاليا تعد برودويل رسالة الدكتوراة بجامعة كينغ كوليج البريطانية وهي خريجة الأكاديمية العسكرية بمرتبة الشرف، وجرى تكليفها بمهام ضمن نطاق أجهزة التجسس الأمريكية وقيادة العمليات الخاصة، وقسم مكافحة الإرهاب بمكتب التحقيقات الفيدرالية.