دعت ايران المعارضة السورية المسلحة يوم الخميس إلى البدء في محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد بشأن الإصلاح السياسي وقالت إنها كسبت الدعم الدولي لهذه الاستراتيجية التي تهدف إلى وضع حد للصراع. وقال وزير الخارجية الإيران على أكبر صالحي ان حكومة الاسد - الحليف الرئيسي لطهران - لن تنهار تحت الضغوط الخارجية. وقال التلفزيون الرسمي ان هذا التجمع الدبلوماسي الذي حضرته روسيا والصين والهند والأردن ونحو عشرين دولة أخرى يؤيد دعوة ايران إلى هدنة مدتها ثلاثة أشهر. ومع اقتصار مشاركة معظم الدول على مستوى السفراء وغياب الدول الغربية وكثير من دول المنطقة لا يتوقع المحللون ان يكون للمؤتمر أثر يذكر على العنف المتواصل. وبعد المؤتمر قال وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي "على المعارضة ان تجلس وتتعاون مع الحكومة السورية في التعجيل بالإصلاح." ودون ان يسمي اي قوى غربية او اقليمية تدعم المعارضة المناهضة للأسد قال صالحي "سيكون من الخطأ الظن بأن استمرار الضغط والخطوات غير الحكيمة سيؤدي في النهاية إلى انهيار القيادة السورية. "انهم يزيدون الأوضاع سوءا بهذا التدخل." وقال التلفزيون الحكومي الايراني ان الدول المجتمعة اصدرت بيانا مشتركا يدعم دعوة ايران إلى هدنة لثلاثة أشهر للسماح باجراء المحادثات. ولم ينشر نص للبيان لكن التلفزيون الحكومي اشار إلى عنصر من عناصر البيان قائلا ان الاجتماع "رحب بمقترح ايران الداعي لكل الاطراف ذات الصلة لوقف العنف لثلاثة اشهر من اجل متابعة المحادثات." وربط البيان الهدنة بنهاية شهر رمضان في غضون نحو عشرة أيام. وقال التلفزيون الحكومي ان الببان تضمن أيضا بندا يعبر عن القلق الشديد من المعارك وإزهاق الأرواح وقال إن الحوار الوطني هو الحل. الوحيد. وفي الكلمة التي بثها التلفزيون الايراني على الهواء مباشرة قال صالحي ان ايران "ترفض اي تدخل اجنبي وعسكري في سوريا وتدعم وتؤيد جهود الأممالمتحدة لحل الازمة." وقالت الحكومة السورية انها مستعدة للحوار لكن المعارضة تقول انه على الأسد ان يتنحى كشرط مسبق لأي مفاوضات. ويؤدي القتال المستمر في حلب - حيث يقصف الجيش السوري مواقع مقاتلي المعارضة المسلحة - إلى الاعتقاد بأن المحادثات احتمال بعيد المنال في المستقبل القريب. وحضر المؤتمر كذلك المنسق المقيم للامم المتحدة في طهران كونسوالو فيدال بروس الذي قرأ بيانا من الأمين العام للامم المتحدة بان جي مون استنكر فيه اعتماد الحكومة والمعارضة على السلاح لتحقيق أهدافها من خلال العنف. وقال في البيان "لن يكون هناك فائز في سوريا. الان نواجه الاحتمال القوي لحرب اهلية طويلة تدمر نسيج المجتمع المتماسك... ينبغي ألا ندع هذا التصور يحدث." وحذر صالحي في مقال للرأي نشره في صحيفة واشنطن بوست يوم الاربعاء من ان خروج الاسد من الحكم فجأة سيؤدي إلى نتائج كارثية. وكتب صالحي في مقاله "المجتمع السوري فسيفساء بديعة من الأعراق والعقائد والثقافات وسيتفتت إلى قطع صغيرة إذا سقط الرئيس بشار الأسد بشكل مفاجئ." وأضاف صالحي أن إيران تسعى لحل "يصب في مصلحة الجميع" غير أن دبلوماسيين غربيين وصفوا المؤتمر بأنه محاولة لصرف الانتباه عن الاحداث الدامية على الأرض والحفاظ على حكم الأسد. وقال دبلوماسي غربي في طهران "دعم الجمهورية الإسلامية لنظام الاسد يتناقض مع محاولة صادقة للمصالحة بين الأطراف." واضاف ان هذه الدعوة تشير إلى ان ايران "استنفدت افكارها". وقال دبلوماسي غربي اخر ان طهران تحاول توسيع قاعدة دعمها للرئيس السوري. وإلى جانب روسيا والصين تقف إيران الى جوار الأسد الذي تسعى قواته لسحق الاحتجاجات المناهضة لحكمه والقضاء على جماعات المعارضة المسلحة منذ اندلاع الانتفاضة على حكمه قبل 17 شهرا. ورفضت إيران اي اتفاق بشأن سوريا ينص على تنحي الاسد في إطار أي انتقال سياسي. ولم يظهر اي مؤشر على استعداد إيران لتبني نهج جديد بشأن سوريا رغم انتكاسات تعرض لها الاسد من بينها انشقاق رئيس وزرائه هذا الأسبوع. لكن محليين يقولون ان المؤشرات في الفترة الأخيرة على الانشقاق في القيادة السورية كانت مفاجأة لايران. وقال سكوت لوكاس من موقع إي.أيه ورلدوايد الإخباري المتخصص في تغطية الشؤون الايرانية "ايران تحاول اظهار قوتها ووجودها الاقليمي لكنها اذا كانت تريد القيام بخطوة كبيرة لماذا لا تقوم بها في قمة مجموعة دول عدم الانحياز (التي تعقد في طهران لاحقا هذا الشهر)؟" واضاف "يبدو انهم كانوا على عجلة من امرهم بشأن سوريا لدرجة انهم لم يحتملوا الانتظار." واتهم حكام إيران دولا غربية وعربية خاصة السعودية بتأجيج "الارهاب" في سوريا عن طريق تسليح جماعات المعارضة. وفي المقابل يتهم المعارضون السوريون وغالبيتهم من السنة إيران بإرسال عسكريين إلى سوريا وتزويد القوات الحكومية بالاسلحة الخفيفة وبالخبرات التكتيكية ومعدات الاتصالات. وأدت الأزمة إلى تأزم علاقات إيران بجارتها تركيا التي استضافت اجتماعات للمعارضة وقدمت مساعدة للاجئين سوريين وطالبت الاسد بترك السلطة. وقال محمد ماراندي من جامعة طهران "تريد ايران تنسيق الجهود بين الدول التي لا تقبل النهج الغربي والسعودي تجاه سوريا. انها قوة مقابلة لما يسمى بتجمع اصدقاء سوريا." ويأتي تدخل ايران في الازمة وسط تعقيدات بسبب خطف المعارضة المسلحة 48 ايرانيا في سوريا يوم السبت للاشتباه في انهم عسكريون. وقالت سوريا انهم زوار للاماكن المقدسة لكنها اقرت ان بعضهم من الجنود المتقاعدين في الحرس الثوري. وبذلت إيران جهودا دبلوماسية مكثفة في المنطقة هذا الاسبوع. وزار صالحي أنقرة يوم الثلاثاء في محاولة لاصلاح العلاقات وزار رئيس المجلس الاعلى للامن القومي الايراني سعيد جليلي دمشق لطمأنة الأسد بشأن دعم إيران له.