وقعت مشادات بين مؤيدين لجماعة الإخوان المسلمين ومناوئين لها في قاعة محكمة القضاء الإداري بالقاهرة يوم الثلاثاء بينما كانت تنظر دعاوى يطالب مقيموها ببطلان تشكيل جمعية تأسيسية لكتابة دستور جديد للبلاد قد يحدد صلاحيات الرئيس الاسلامي محمد مرسي. وأجلت المحكمة نظر الدعاوى التي تطالب ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية إلى يوم الخميس وسمحت لمحام تقدم خلال الجلسة برد للمحكمة باتخاذ الإجراءات القانونية لإنفاذ الرد. كما حجزت المحكمة للحكم بجلسة يوم الخميس أيضا دعاوى تطالب بإلغاء إعلان دستوري مكمل أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة بنهاية التصويت في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة التي فاز فيها مرسي مرشح الإخوان المسلمين. ويحد الإعلان الدستوري المكمل من صلاحيات الرئيس الجديد. وأجلت المحكمة لنفس الجلسة دعاوى تطالب بوقف تنفيذ قرار أصدره مرسي بعودة مجلس الشعب لنشاطه بعد أن حله المجلس العسكري يوم 15 يونيو حزيران تنفيذ لحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية مواد في قانون انتخابه. وتعرض تشكيل الجمعية لانتقادات من ليبراليين ويساريين يقولون إن تشكيلها يغلب عليه الإسلاميون الذين هيمنوا على أول برلمان انتخب بعد أقل من عام من الانتفاضة التي اسقطت الرئيس السابق حسني مبارك. وكانت محكمة القضاء الاداري أبطلت تشكيل جمعية تأسيسية سابقة تعرضت لنفس الانتقادات. وقالت المحكمة إن الأعضاء المنتخبين في البرلمان ضموا نوابا من بينهم الى الجمعية خلافا لما قصده النص الدستوري المعني. وقبل يومين استقال من الجمعية الجديدة أربعة إسلاميين أعضاء في مجلس الشورى لإبطال هذا المطعن. ووصفت جماعة الإخوان المسلمين يوم الثلاثاء بأنه "حاسم" في عملية التحول الديمقراطي وتجمع المئات من أعضائها أمام وفي ردهات مجلس الدولة الذي يضم محاكم القضاء الإداري في القاهرة وفي قاعة المحكمة التي تنظر الدعاوى مرددين هتافات ضد المجلس العسكري. ويتهم الإخوان المسلمون المجلس العسكري الذي أدار شؤون البلاد منذ تنحي مبارك باستغلال القضاء في محاولة تقويض سلطة رئيس الدولة. وتصاعد التوتر مع المشادات والتدافع بين المحامين والمحتجين والمواطنين العاديين في الوقت الذي انقسمت فيه الآراء حول النتائج المتوقعة للدعاوى المختلفة. وهتف أعضاء وأنصار جماعة الإخوان المسلمين "يسقط يسقط حكم العسكر" مما أثار رد فعل غاضبا من جانب معارضيهم. وردت امرأة داخل قاعة المحكمة التي سادتها الفوضى "يسقط يسقط حكم المرشد" في إشارة إلى المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين. وقال المحامي خالد فؤاد إنه لم ير محكمة مثل هذه في أي مكان في العالم وإن هذه ليست طريقة صالحة للعمل. ولدى وصول القضاة قال رئيس المحكمة المستشار عبد السلام النجار للمحتشدين بالقاعة إن وجودهم لن يخيف هيئة المحكمة. وقال "لم يولد بعد من يستطيع أن يمنع المحكمة من أن تصدر حكمها الذي يرتضيه القانون وضميرها." ورفع القاضي الجلسة محاولا تهدئة الأجواء لكن الجلسة نقلت لقاعة أخرى مما جعل المحتشدين يطرقون بابها بشدة لدرجة كادت تطيح به. وقال رئيس المحكمة متوجها فيما يبدو إلى المحامين الذين يمثلون جماعة الإخوان المسلمين "هل يصح الإرهاب اللي بيحصل دا؟" واستطرد القاضي مستنكرا "هل هذه هي وزارة الداخلية المنوط بها حماية الجلسة؟" ورفع النجار الجلسة مرة ثانية بعد مرافعات قصيرة. وتحول الصراع على السلطة الآن إلى المحاكم مع سعي الإسلاميين لزيادة نفوذهم في مواجهة خصومهم القدامى في المؤسسة العسكرية التي دعمت مبارك إلى أن أطاحت به الانتفاضة. ويتيح الإعلان الدستوري المكمل للمجلس العسكري التدخل في كتابة الدستور إذا خالفت الجمعية التأسيسية الحالية أو التالية المباديء المستقرة في المجتمع. كما يمنحه حق تشكيل جمعية تأسيسية جديدة إذا تعذر قيام الجمعية الحالية بعملها وهو ما أغضب جماعة الاخوان وحلفائها من الاسلاميين وسبب ارتياحا بين الليبراليين واليساريين الذين يخشون من هيمنة الإسلاميين على الدولة لفرض برامجهم. وقال بعض خبراء القانون إن الجيش كان محقا في حل مجلس الشعب لأنه تصرف بناء على حكم المحكمة الدستورية. وقال سامح عاشور رئيس نقابة المحامين لصحيفة الشروق "نحن نجادل في أحكام قضائية دستورية غير قابلة للنقاش." ومع عدم تشكيل مرسي بعد لحكومة جديدة فليست هناك حكومة تعمل بشكل كامل أو برلمان او دستور في مصر مما يزيد من الشعور بوجود اضطراب دفع الاقتصاد إلى شفا أزمة في ميزان المدفوعات. وتجنب مرسي حتى الان خوض مواجهة كبرى مع المجلس العسكري الذي يرأسه المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي. وفي حفل تخرج دفعة جديدة في الكلية الحربية يوم جلس مرسي بجانب طنطاوي وغيره من كبار ضباط الجيش وألقى كلمة أشاد فيها بقادة القوات المسلحة خلال الانتفاضة التي أطاحت بمبارك. وقال مرسي في تناوله فيما يبدو للاضطرابات السياسية والقانونية في مصر إنه يجري "كافة المشاورات مع كافة القوى السياسية لإدارة مصر في الفترة المستقبلية برلمانيا ودستوريا وما زالت المشاورات مستمرة لاختيار أفضل البدائل وستبذل الحكومة الجديدة كل جهدها."