يُتوقع أن تكشف الأيام الثلاثة المقبلة، وقبل أن تفصل محكمة القضاء الإداري في مصير الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، طبيعة الصراع بين المجلس العسكري والرئيس المصري الجديد محمد مرسي ومن خلفه جماعة «الإخوان المسلمين»، وما إن كان سيتخذ مساراً أكثر حدة أم سيلتزم الجانبان التهدئة والتعايش. وكان لافتاً تلويح المستشار القانوني للرئيس المستشار محمد فؤاد جاد الله بإمكان أن يتخذ مرسي قراراً بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي كان أصدره الجيش منتصف الشهر الماضي، ويضمن لهم صلاحيات واسعة وسلطة تشكيل جمعية تأسيسية جديدة في حال وجود مانع يحول دون استكمال الجمعية التأسيسية الحالية دورها، الأمر الذي ردَّت عليه مصادر عسكرية تحدثت إلى «الحياة» بالقول: «ليس من حق أحد إلغاء الإعلان الدستوري المكمل»، في تحدٍ واضح لأي قرار يمكن أن يصدر عن الرئاسة في هذا الشأن. وتترقب الأوساط المصرية نظر محكمة القضاء الإداري الثلثاء المقبل لطعون أقامها محامون تطالب ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية التي تضم 100 عضو، ويقول معارضون إن التيار الإسلامي يهيمن عليها. وكان المستشار القانوني للرئيس المصري أكد أن إلغاء الإعلان الدستوري أو إصدار الرئيس إعلاناً دستورياً آخر «هو أحد الخيارات التي يدرسها الرئيس للخروج من الأزمة الراهنة»، مشيراً إلى أن مناقشات تجرى من مرسي وفريقه القانوني والقوى السياسية والهيئات القضائية للوصول إلى أفضل البدائل، لافتاً إلى أنه يتم بحث وضع الجمعية التأسيسية في حال صدور حكم بحلِّها، فلا أحد يقبل أن يستحوذ الجيش على تشكيلتها الجديدة. ودعمت حديث جاد الله مواقف حلفائه الإسلاميين وأيضاً قوى شبابية لعبت دوراً مؤثراً في اندلاع الثورة التي أطاحت نظام الرئيس السابق حسني مبارك. وقال الناطق الإعلامي باسم حركة شباب «6 أبريل» محمود عفيفي ل «الحياة»: «نقف مع الرئيس مرسي في صراع انتزاع الصلاحيات»، معتبراً أن الجمعية التأسيسية هي بمثابة «فصل في معركة تكسير العظام» التي تدور الآن بين مرسي وجنرالات الجيش. وقال: «منذ البداية ونحن نرفض الإعلان الدستوري المكمل وطالبنا بإلغائه». وشدد عفيفي على أن حركته ترفض في شدة هيمنة العسكر على صناعة الدستور المصري الجديد أو تشكيلة الجمعية التأسيسية. في المقابل، شدد مصدر عسكري مسؤول على «عدم أحقية أي جهة كانت أن تلغي الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري في 14 الشهر الماضي». وقال المصدر ل «الحياة»: «ليس من حق أحد المساس بالإعلان الدستوري، لا المحاكم بما فيها المحكمة الدستورية العليا، ولا حتى المجلس العسكري نفسه»، مشيراً إلى أن «ما يلغي الإعلان الدستوري هو صدور الدستور الجديد». وشدد المصدر العسكري على التزام المجلس العسكري بتنفيذ أحكام القضاء في ما يتعلق بالحكم المقرر صدوره من القضاء الإداري الثلثاء المقبل بشأن مصير تشكيل الجمعية التأسيسية. وقال: «في حال صدور الحكم ببطلان تأسيسية الدستور، فإنه منوط للمجلس العسكري عمل إجراءات وضع تشكيل تأسيسية جديدة من دون انتظار ما ستسفر عنه إجراءات الطعن في الحكم وفق ما خوَّلته المادة «60 مكرر» من الإعلان الدستوري المكمل». غير أن الناطق باسم الجمعية التأسيسية الدكتور وحيد عبدالمجيد رفض ما طرحه المصدر العسكري، مؤكداً أن من صلاحيات الرئيس المصري إلغاء أي قرارات اتخذها المجلس العسكري. وأوضح أنه إذا كان المجلس العسكري استند في إصدار الإعلان الدستوري المكمل على الشرعية الثورية والأمر الواقع، فإن مرسي يمتلك صلاحيات أكبر باعتباره الرئيس الشرعي المنتخب من الشعب. واعتبر عبدالمجيد أن مصير تأسيسية الدستور هو «فصل جديد ضمن مسلسل من المعارك في إطار ازدواجية السلطة»، مشيراً إلى أن كل فريق (العسكر والإخوان) سيسعى خلال الأيام القليلة المقبلة إلى استصدار قرارت تُقوِّي من مركزه، وتضعف الآخر. بما في ذلك إقدام الرئيس على استصدار إعلان دستوري جديد أو إلغاء الإعلان المكمل. وأشار عبدالمجيد إلى أن الجمعية التأسيسية ستجتمع غداً (الإثنين) لبحث السيناريوهات المحتملة و «تحديد الطريقة التي سنتعامل معها». واستغرب عصام العريان، القائم بأعمال رئيس حزب «الحرية والعدالة»، تلويح المجلس العسكري بحلِّ اللجنة التأسيسية لوضع الدستور «على رغم نجاحها وتوافقها على أهم النقاط الحرجة والروح الطيبة التي تهيمن على أعضائها». وقال: «يبدو أن هناك دستوراً أعدته نخبة (حسني) مبارك و(عمر) سليمان و (أحمد) شفيق في درج المجلس العسكري»، مؤكداً أن معركة الشعب المقبلة «لا بد من أن تكون مع الثورة المضادة». ونفى العريان عبر تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ما تردد عن وجود خلاف في اللجنة حول خصوصية الجيش وضرورة الحفاظ على وحدة وقوة القوات المسلحة وأنها ليست «دولة داخل الدولة» وليست فوق الدستور. وأشار العريان إلى أنه إذا كان الاحتكام إلى الشعب يرضي كل الأطراف «فلينتخب الشعب جمعية تأسيسية جديدة، ولا يتم فرض جمعية بتعيين العسكري ضد إرادة الشعب».