يبدأ المصريون يوم الاربعاء الادلاء بأصواتهم لانتخاب رئيس يخلف حسني مبارك الذي اطاحت به انتفاضة شعبية قبل 15 شهرا بعدما امضى في السلطة ثلاثة عقود لم تشهد البلاد خلالها انتخابات تنافسية حقيقية. وفيما يلي عرض لأهم القضايا المتعلقة بانتخابات الرئاسة في مصر: - الاقتصاد: يتمثل التحدي الملح للرئيس الجديد في احياء الاقتصاد الذي عصفت به شهور الاضطراب والتصدي للفقر والبطالة وانهيار الخدمات العامة وهي الامور التي ساعدت في تفجير انتفاضة العام الماضي. وعقب الانتفاضة اغلقت البورصة لفترات طويلة وتراجعت إيرادات السياحة. وأدى تباطؤ الاقتصاد العالمي إلى هبوط معدلات الاستثمارت الأجنبي المباشر بنسبة 50 بالمئة من عام 2009 إلى 2010 إلى 3.7 مليار دولار في المتوسط أو أقل من واحد بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي عام 2011 انهار الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 0.9 مليار دولار. وبحسب بيانات صدرت هذا الشهر تراجع احتياطي النقد الأجنبي الذي بلغ 36 مليار دولار قبل الانتفاضة إلى 15.21 مليار نهاية ابريل نيسان الماضي. وافرد المرشحون وعددهم 13 مساحة واسعة للاقتصاد في برامجهم وتصريحاتهم. ومن ابرز البرامج الطموحة على صعيد الاقتصاد برنامج محمد مرسي مرشح جماعة الاخوان المسلمين وبرنامج المرشح الاسلامي عبد المنعم ابو الفتوح المنشق عن الجماعة. - الدستور: عجزت مصر حتى الآن عن صياغة دستور جديد بعد الاطاحة بمبارك. ويقول محللون ان العلاقة بين السلطات غير واضحة في الاعلان الدستوري الذي اقره في مارس آذار العام الماضي المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ خلع مبارك ولا يمكن القطع بما سيضطلع به كل من الرئيس والبرلمان والقضاء والجيش من اختصاصات. وينفي قادة الجيش اي رغبة في ادارة شؤون البلاد لكن يكاد لا يشك أحد في طموحهم إلى الاحتفاظ بالامتيازات الواسعة للجيش وضمان دور قوي وراء الكواليس. وذكرت تقارير اعلامية ان المجلس العسكري قد يصدر اعلانا دستوريا مكملا خلال الايام المقبلة لتنظيم صلاحيات الرئيس والبرلمان لكن لم تظهر اشارات على نجاح المفاوضات مع الاحزاب في هذا الشأن. واصبح من المرجح ان الدستور الجديد سيكتب في عهد الرئيس الجديد وربما تندلع خلافات بشأن الصلاحيات بين الرئيس والبرلمان الذي يهيمن عليه الاسلاميون وسيقوم باختيار لجنة من 100 عضو لصياغة الدستور الجديد. ويشير معظم المرشحين للرئاسة الى رغبتهم في ان يكون نظام الحكم مختلطا وليس رئاسيا بحتا او برلمانيا صرفا. - الأمن: تدهور الامن في مصر بعد ايام قليلة من اندلاع الانتفاضة وتحديدا منذ يوم 28 يناير كانون الثاني المعروف باسم "جمعة الغضب" عندما عجزت الشرطة عن مواجهة حشود المحتجين الغاضبين في شوارع القاهرة ومدن اخرى. واختفت الشرطة بشكل مفاجئ بعد عصر ذلك اليوم ما تسبب في حالة من الانفلات الامني وهروب مساجين واقتحام وإحراق لاقسام شرطة. وبعد اسابيع من اختفائها عادت الشرطة الى الظهور في الشوارع على استحياء لكن لا تزال الاوضاع الامنية غير مستقرة. ومن ابرز حوادث الانفلات الامني حادثة استاد بورسعيد في فبراير شباط الماضي عندما اقتحمت جماهير الملعب عقب مباراة في كرة القدم لفريق النادي المصري مع ضيفه الاهلي والاعتداء على جماهير الفريق الضيف مما اسفر عن مقتل 74 مشجعا واصابة المئات. كما انتشرت ظاهرة قيام مدنيين بالاعتداء على المتظاهرين والمحتجين في اكثر من مناسبة دون تدخل من الشرطة والجيش لفض الاشتباكات. وتعهد بعض المرشحين بإعادة الأمن خلال المئة يوم الاولى لهم في الحكم فيما قال المرشح ورئيس الوزراء الاسبق احمد شفيق المحسوب على نظام مبارك انه سيعيد الامن بعد 24 ساعة فقط من تنصيبه رئيسا. - التوتر الطائفي: يشكل المسيحيون نحو 10 بالمئة من سكان مصر البالغ عددهم 82 مليون نسمة. ورغم التوحد الذي ساد العلاقة بين المحتجين بمختلف اطيافهم اثناء الانتفاضة التي اندلعت يوم 25 يناير كانون الثاني العام الماضي واستمرت 18 يوما الا ان التوتر الطائفي عاود الظهور سريعا في اعقاب الانتفاضة اذ وقعت عدة حوادث للاعتداء على كنائس. ومن ابرز الحوادث مقتل اكثر من 25 شخصا يوم التاسع من اكتوبر تشرين الاول الماضي في اشتباكات اندلعت بين محتجين وقوات الجيش والشرطة أثناء مظاهرة للمسيحيين أمام مبنى الاذاعة والتلفزيون بوسط القاهرة للاحتجاج على هجوم على كنيسة في صعيد مصر. وحرص جميع المرشحين بمن فيهم الاسلاميون على طمأنة الاقلية المسيحية بأنهم لن يفرقوا بين اطياف الشعب المصري في الحقوق والواجبات. ويرجح مراقبون ان يحصل شفيق او عمرو موسى الامين العام السابق لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية الاسبق وهو ايضا من المحسوبين على نظام مبارك على كثير من اصوات المسيحيين الذين يخشون من تداعيات تزايد قوة الاسلاميين. - الأمن الغذائي والوقود: شهدت مصر عقب الانتفاضة عدة ازمات تتعلق بنقص امدادات الغذاء والوقود. واصبح اصطفاف السيارات في طوابير طويلة امام محطات الوقود مشهدا مألوفا كل بضعة ايام او اسابيع. والحال نفسه يتكرر امام منافذ توزيع انابيب الغاز والمخابز التي تنال دعما حكوميا لتوفير الرغيف بثمن زهيد. وقال بعض المرشحين ونواب ان هذه الازمات مفتعلة من بعض الجهات لتأليب المواطنين البسطاء على الانتفاضة. - السياسة الخارجية: يأمل كثير من المصريين ان تستعيد بلادهم وضعها القيادي في العالم العربي والذي فقدته فعليا بعدما وقع الرئيس الراحل انور السادات معاهدة السلام مع اسرائيل عام 1979. وقال اغلب المرشحين انهم سيسعون لابرام اتفاق سلام عادل بين الفلسطينيين والاسرائيلين يستند الى حل الدولتين. وحرص معظم المرشحين على جذب تأييد الناخبين من خلال التأكيد على سعيهم لانهاء التبعية السياسية والاقتصادية للغرب واقامة علاقات على اساس من الندية مع الولاياتالمتحدة واوروبا. واصبحت مصر في اعقاب اتفاق السلام ركيزة للسياسة الامريكية في الشرق الاوسط واكبر متلق للمساعدات العسكرية الامريكية بعد اسرائيل. ولا توجد علاقات دبلوماسية بين مصر وايران منذ عقود وقال اغلب المرشحين انهم لا يمانعون في اقامة علاقات مع ايران لكن في حدود لا تسمح باثارة غضب دول الخليج التي تتسم علاقتها مع الجمهورية الاسلامية بالتوتر بسبب نزاعات حدودية. والمرشحون الاكثر وضوحا على صعيد السعي لاعادة العلاقات مع ايران الشيعية هما الإسلاميان عبد المنعم ابو الفتوح وسليم العوا والمرشح الناصري حمدين صباحي الذي لا يمانع ايضا في السماح بالسياحة الايرانية للمزارات الدينية في مصر. وعلى الصعيد الافريقي يضع جميع المرشحين مسألة انهاء الخلاف مع دول حوض النيل بشأن حصة مصر من المياه في صدارة الاولويات على صعيد العلاقات الخارجية. كما يتعهدون باستعادة المكانة المصرية المميزة على المسرح الافريقي الاوسع نطاقا. - العلاقات مع اسرائيل واتفاقية السلام: يجمع المرشحون لانتخابات الرئاسة في مصر على ضرورة عدم الغاء اتفاقية السلام ومنهم المرشحون الاسلاميون واليساريون لكنهم يرون ضرورة لمراجعة بنودها خاصة فيما يتعلق بالملاحق الامنية الخاصة بسيناء. وكانت العلاقات بين مصر واسرائيل مستقرة الى حد كبير ابان عهد مبارك لكنها شهدت عدة توترات في اعقاب الانتفاضة. وفي 19 اغسطس آب الماضي قتل خمسة من قوات الامن المصرية في سيناء في هجمات عبر الحدود خلال مطاردة القوات الاسرائيلية لمنفذي هجمات في جنوب اسرائيل مما أدى إلى احتجاجات واسعة في القاهرة ومدن اخرى للمطالبة بطرد السفير الاسرائيلي. واعتذر وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك لمصر بعد ذلك عن مقتل الجنود بعدما تسبب الحادث في أسوأ خلاف دبلوماسي بين البلدين منذ الاطاحة بمبارك. وفي التاسع من سبتمبر ايلول اقتحم محتجون مصريون مقر السفارة الاسرائيلية بالقاهرة. والغت مصر في ابريل نيسان الماضي اتفاقا طويل الأجل كانت تزود بموجبه اسرائيل بالغاز بعد أن تعرض خط الأنابيب العابر للحدود لأعمال تخريب على مدى شهور بعد الانتفاضة. وقالت مصر واسرائيل ان الخلاف تجاري وليس له صلة بالسياسة. لكن هذه القضية كانت محورا رئيسا للنقاشات اثناء الحملة الانتخابية. وقال عدد من المرشحين ابرزهم ابو الفتوح وحمدين صباحي انهم لن يعيدوا الاتفاق للحياة وكانوا صرحوا قبل الغائه انهم سيسعون لانهائه بسبب الثمن الذي يقال إنه يقل بكثير عن السعر العالمي ولحاجة السوق المصري الى الغاز لكن شفيق قال قبل الغاء الاتفاق انه سيحترمه.