أجزم أنه لو جرى تنظيم مسابقة، لأكثر مؤسسة أو قطاع خدمي، يمتاز أداءه بالسخرية، لنالت الجائزة بامتياز شركة الكهرباء. سخرية الشركة لا حدود لها خلال الأيام الماضية. فقد وصلت "ذروتها" في "أحمال زائدة" حين تحدث بعض مسؤوليها حول عدم توقعهم هذا الارتفاع "المفاجئ" في درجات الحرارة، مانجم عنه انقطاع الخدمة الكهربائية في كثير من مدن ومحافظات المملكة، من المنطقة الشرقية حتى الغربية، ومن الحدود الشمالية إلى الجنوبية. أحد مسؤولي الشركة قال أن المعدلات التي كانوا يتوقعونها لم تكن تتجاوز 42 درجة مئوية، موضحاً في تصريح صحافي إثر انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي عن عديد من الأحياء السكنية في الرياض، وجدة، ومكة، والطائف، خلال الأيام الماضية، أن درجة الحرارة كانت مفاجئة. مسؤول في الشركة حمّل، في حديث صحافي ل"عكاظ"، الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، مسؤولية عدم تمرير بلاغ ارتفاع درجة الحرارة إلى أرقام قياسية، سوى قبل 48 ساعة، ما أدى إلى حدوث انقطاعات في التيار الكهربائي. لكن المتحدث الرسمي للأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني أطلق تأكيدات للصحيفة أن الرئاسة أخطرت جميع الجهات بمؤشرات الحرارة وأنها ستصل إلى أرقام قياسية قبل ذلك بنحو أسبوع. وحين شكك مسؤول شركة الكهرباء في وصول تقرير الرئاسة، رد القحطاني بأن "الجميع يعرف أننا في فصل الصيف ودرجات الحرارة ستكون قياسية فنحن في بلد مناخه حار". ولسان حاله وحالنا وحال كل مشتركي الشركة المغلوبين على أمرهم يقول: "ترى ما أحنا في السويد يا ناس!". من جهته حاول نائب الرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء المهندس فؤاد الشربيني أن يجد تبريراً لخدمات الشركة المتردية، لكنه فضح أمراً آخر حين أوضح "أن قياسات الشركة توقعت ألا تتجاوز درجة الحرارة 42 درجة مئوية، لكنها فاقت التوقعات وتجاوزت الخمسين درجة مئوية" وذلك في معرض حديثه عن انقطاع التيار في جدة. ويبدو أن "قياسات" الشركة لا تختلف كثيراً عن محطاتها "المضروبة"، إلا إذا كانت تلك القياسات تشير إلى درجة الحرارة منتصف الليل، وليس في رابعة النهار، مانتج عنها التقديرات الخاطئة التي لا يمكن أن تُحاسب عليها الشركة!. وموضوع عدم المحاسبة هي جملة، لم ينقطع عنها التيار، رغم أنها تتكرر بتكرر انقطاع التيار من مدينة إلى أخرى ( منذ شهر مايو الماضي ودرجة الحرارة في بحر الأربعين درجة مئوية ) حتى وصل الأمر إلى أن تتوقف الكهرباء عن أحياء كاملة في مدن مختلفة، في وقت متزامن، لأن الشركة لم تعلم أن الصيف قد حل بعد لتتخذ الإجراءات اللازمة!. العامل المشترك لدى من ينفون إمكانية المحاسبة هم كل من يرد في إسمه كلمة كهرباء، حتى لو كانت لا تُصدر طاقة، سواء الوزارة، أو الشركة، أو هيئة تنظيم الكهرباء. والهيئة التي لاذت بالصمت كثيراً، نطقت أخيراً، وربما ذلك بفعل الارتفاع "المفاجئ" للحرارة، ما جعلها تخرج من بياتها الشتوي لتتحدث وإن كان من وراء قالب ثلج في صيف قائض!. والضجر الذي بلغ مداه من الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، خاصة أنها سبقت وتزامنت مع موسم الامتحانات المدرسية، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بكثير من المستهلكين في راحتهم، وغذائهم، وممتلكاتهم، دفع مواطنون إلى الشكوى لهيئة تنظيم الكهرباء علّهم ينالون تعويضاً، أو يوقفون هدراً. بيد أن مسؤول في الهيئة، لم يصرح بإسمه، أعطى إجابات فضفاضة لا تبتعد دقتها عن دقة "قياسات" شركة الكهرباء لدرجة الحرارة المتوقعة!. مسؤول هيئة الكهرباء قال لصحيفة "عكاظ"، حول إمكانية تعويض المستهلكين، أن ذلك يحدث في حالة "إذا ثبت وجود تقصير وإهمال من قبل الشركة في تأمين الخدمة عندها يحق للهيئة الدفع بقرار يلزم الشركة بتعويض المتضرر"؛ وكان هذا استدراكاً منه بعد إيضاحه "أن العلاقة التعاقدية بين شركة الكهرباء والمستفيد من الخدمة لا تتضمن شرطاً يلزم الكهرباء بتعويض المتضررين وخصوصاً عندما يكون الانقطاع خارجا عن إرادة الشركة نتيجة زيادة الأحمال مثلا". رمضان قادم ومخاوف المشتركين تتزايد في ظل صيف لايرحم وشركة لاتعلم بدخول الصيف..! وعوداً على تصريحات مسؤول هيئة الكهرباء حول مدى مسؤولية شركة الكهرباء حول انقطاعات الخدمة التي تحدث منذ أسابيع عدة.. هل يمكن أن يكون ذلك دون إهمال وتقصير وسوء استعداد لصيف يأتي كل عام في وقته، ولا يتسلل خلسة، ولا "بشكل مفاجئ"؟!. ثم أين شركة الكهرباء من وعودها التي قطعتها العام المنصرم حين تصدر مجلتها الشهرية (المشكاة) عنوان "لا..لانقطاعات الكهرباء صيف 2010". هل يعقل أن الشركة نسيت وعدها؟!، أو أن هناك خطأ مطبعي في تاريخ الوعد المضروب، فالصفرين كان يجب أن لا يفرقهما رقم آخر!. لذا، سننتظر حتى تتحدد "مسؤولية" الشركة عن خدمتها المتردية. (حمود الزيادي العتيبي) صحيفة عناوين