احبط الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الامال امس، بقرب تخليه عن المراوغة في التخلي عن السلطة، عندما كرر في خطاب تلفزيوني لمناسبة ذكرى ثورة 26 سبتمبر، دعوته الى الحوار مع المعارضة حول المبادرة الخليجية التي تدعوه الى التنحي عن منصبه، وحمل بشدة على معارضيه ووصفهم بالارهاب والعنف والفوضى، مكررا اقتراحه السابق لتلك المبادرة حول الاحتكام الى صناديق الاقتراع من اجل تداول الحكم. وجاء الخطاب المسجل بعد يومين من عودته المفاجئة من الرياض بعد رحلة علاجية دامت ثلاثة اشهر، وفي اعقاب اسبوع من الحملات العسكرية الدموية التي شنها الموالون له من الجيش والقبائل على تظاهرات المعارضة في صنعاء وتعز ما اسفر عن سقوط ما يزيد على 250 قتيلا ومئات الجرحى، ما زاد المخاوف من احتمال غرق اليمن في حرب اهلية مدمرة. ودعا صالح الذي استهل خطابه بشكر السعودية والولايات المتحدة والامارات على تعاونها خلال الفترة المنصرمة، الى اجراء انتخابات مبكرة قائلا انه ما زال ملتزما بتسليم السلطة لوضع نهاية للاحتجاجات المستمرة منذ شهور. وقال صالح الذي اطل بخطاب غير ارتجالي، على غير عادة، مشيرا الى انه سيعود الى الرياض لاستكمال علاجه: «لنتجه جميعا نحو الحوار والتفاهم والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع وانتخابات رئاسية مبكرة»، واضاف صالح «الازمة كبيرة وعظيمة وتستحق ان يراجع العقلاء والسياسيون مواقفهم ويستفيدوا من الدروس اذ لم يحدث سوى ازهاق الارواح واطاحة الممتلكات والاعتداء على مؤسسات الدولة ونهبها والاعتداء على المواطنين في الاحياء ونهب ممتلكاتهم». واعتبر صالح ان كل هذه الممارسات لم تكن سوى «ركض وراء السلطة». واردف قائلا «نكرر التزامنا بالمبادرة الخليجية والتوقيع عليها من قبل نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي عُين بموجب قرار جمهوري وهو مفوض لاجراء الحوار والتوقيع على المبادرة وآليتها التنفيذية للخروج من المأزق». واقترح الرئيس ان تكون الانتخابات المنصوص عليها في المبادرة شاملة (رئاسية وبرلمانية وبلدية) «اذا ما تم التفاهم حولها. والا فنحن ملتزمون بالمبادرة». وعن اعمال العنف التي وصفها ب«الترويع»، قال صالح ان دستور الجمهورية اليمنية يسمح بالتظاهر سلميا «وليس عبر الارهاب كما حدث في ابين وارحب وجامع دار الرئاسة»، مضيفا «نحن على استعداد للالتزام ببيانات الاتحاد الاوروبي ومجلس التعاون الخليجي والبيت الابيض. ونؤيد اجراء نائب الرئيس حوارا مع اللقاء المشترك (المعارضة) للتوقيع على المبادرة». وفي اول ردّ فعل من قبل شباب الثورة اليمنية، قالت المتحدثة باسم المجلس الوطني لقوى الثورة حورية مشهور ان «الخطاب لم يرتفع الى مستوى مطالب الشارع اليمني اذ لم يعلن الرئيس التنحي الفوري صراحة ودعوته للحوار والتفاهم ليست سوى مناورات». واضافت، ليس امام الشباب سوى «خيار الثورة والتصعيد». في هذه الاثناء، ذكر مصدر عسكري يمني مطلع لموقع «مأرب برس» أن صالح واللواء علي محسن، قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية الذي أعلن دعمه للثورة، وقعا على اتفاق يقضي بإخراج كل الأسلحة والآليات العسكرية من شوارع وأحياء العاصمة. الى ذلك، قتل جنود يمنيون محتجاً معارضا وأصابوا 17 آخرين بعد استخدامهم الذخيرة الحية لتفرقة تظاهرة للمعارضين في صنعاء دعا اليها الشبان المعتصمين في ساحة التغيير . وكان شهود قالوا إن نحو 17 محتجا قتلوا أمس الاول، عندما هاجمت قوات الحكومة مخيم الاعتصام الرئيسي للمعارضة في صنعاء ليرتفع عدد القتلى خلال خمسة ايام من القتال الى اكثر من 250. وفي تعز، جنوب غرب صنعاء، قتل ثلاثة اشخاص آخرين. («السفير»، رويترز، ا ف ب، ا ش ا)