بقلم أ. خليل الصعّاق. يمكننا القول أن عملية التنشئة الاجتماعية Socialization هي تحويل الكائن البيولوجي (الطفل الوليد) الى كائن اجتماعي , ودمجه في منظومة القيم الاجتماعية من خلال إحلال العادات والتقاليد و العرف والقانون و القيم السائدة في المجتمع في هذا العضو الجديد ليسهل تفاعله مع أعضاء المجتمع الاخرين , فالتنشئة الاجتماعية من حيث المفهوم الاجتماعي ماهي الا تدريب الفرد على القيام بأدواره الاجتماعية . تتم عملية التنشئة الاجتماعية من خلال مؤسسات المجتمع مثل الاسرة والمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام . الا أن الاسرة هي أهم محطة من محطات عملية التنشئة الاجتماعية كونها المجتمع الإنساني الأول الذي يعيش فيه الطفل وهي محطة حاسمة في تشكيل شخصيته وتكوين ذاته الاجتماعية . شغل موضوع التربية السليمة للطفل الكثير من الفلاسفة و المفكرين و العلماء منذ افلاطون مرورا بابن خلدون والغزالي وجاك روسو وصولا الى النظريات التربوية الحديثة ومساهمات علم النفس الاجتماعي في الاهتمام بعملية التنشئة الاجتماعية . تقول نظرية التعلم الاجتماعي عند جابريل تارد (1843- 1904م) , ان التعلم الاجتماعي يتكون من ثلاثة أجزاء , الملاحظة والتقليد والتعزيز , أي انه قبل تعلم أي سلوك اجتماعي لابد من ملاحظة السلوك ثم تقليده ثم توقع التعزيز الإيجابي من قبل الاخرين لكي يتم تكرار هذا السلوك , ومن الملاحظ ان هذه النظرية والعديد من النظريات التربوية لم تشمل على عنصر التلقين كوسيلة مباشرة لتعلم الطفل , بل اثبتت النظريات ان الطفل يتعلم من خلال التقليد والمحاكاة . بمعنى أنه من الممكن أن ينشأ الطفل عنصريا ليس لأنه قيل له كن عنصرياً ولكنه حاكى السلوك العنصري الذي رآه في صغره , وقس على ذلك الكسل المعرفي وعدم احترام الأنظمة والقوانين والتدخين ..الخ , لهذا من الضروري تجنب ازدواجية أساليب التنشئة الاجتماعية حيث يجب أن يكون هناك توافق بين ما يقال للطفل و ما يراه من سلوك . وبناء على ما سبق نستطيع القول أن التنشئة الاجتماعية ليست عملية تلقائية بكاملها , حيث يستطيع الفرد القائم على عملية التنشئة بتوجيه هذه العملية من خلال فلترة ما يصل لهذا الطفل من عادات وقيم وسلوكيات سوف تكون جزء من حياته في المستقبل . ومضة : (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) الأحزاب 21. *أخصائي وباحث اجتماعي .