لاشك أن مظاهر التغير الاجتماعي الواسعة التي يمر بها مجتمعنا السعودي الفتي.. وتحولاته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية السريعة التي يشهدها في واقعه المعاصر نتيجة التحديث والمستجدات التي طرأت على سطحه الاجتماعي أدت إلى ظهور أنماط جديدة من السلوك الاجتماعي والعادات والتقاليد والقيم المستوردة.. وبالتالي ألقت بظلالها على كثير من الاتجاهات السلوكية والقيمية والفكرية والتربوية والاجتماعية. فبرزت على السطح الاجتماعي بعض الأمراض الاجتماعية والأسقام الفكرية والأفكار الثقافية الوافدة..! ولعل من الظواهر السلبية التي تمخضت من رحم هذه التحولات المجتمعية وإرهاصاتها ظاهرة استخدام بعض الرجال أدوات المكياج والمساحيق والمراهم النسائية.. وتطور الوضع إلى ظهور القصات الغريبة بين بعض الشباب والملابس الضيقة ولبس السلاسل وغيرها من الأفكار الوافدة المضادة لقيم المجتمع ومعاييره الأصيلة من قبل شباب "ناعم"..!! كلها تؤكد أننا أمام أزمة ثقافية أخلاقية مجتمعية خطيرة..! ومع الأسف نلاحظ بعض الشباب يوجدون في محلات التجميل وبيع المستحضرات النسائية أكثر من الشابات، ولاشك أن ظاهرة استخدام بعض الشباب مساحيق التجميل وأدوات المكياج لها أسباب عدة منها ضعف الوازع الديني كون الرجل يتشبه بالنساء.!! والدين عامل مهم في ضبط السلوك الاجتماعي وتقويمه، ومن الأسباب أيضاً خلل وظيفي في عملية التنشئة الاجتماعية والنفسية والتربوية والعقلية والعاطفية تدفع بعض الشباب إلى هذا الاتجاه المضاد لقيم المجتمع الأصيلة دون إحساس أو وعي قيمي، كما أن جماعة الأصدقاء يلعبون دوراً مؤثراً في تعزيز هذا السلوك الوافد ونشر مفهومه السلبي، وذلك حسب "نظرية التقليد والمحاكاة الاجتماعية". فبعض الأقران -غير الأسوياء - في المدرسة أو الجامعة أو الحي تأثيرهم قوي ومباشر على سلوك وثقافة الفرد، وكما يقول المثل الشعبي "الصاحب ساحب"!!، ومن الأسباب كذلك وسائل الإعلام الفضائي والإعلام الرقمي وتحدياته الثقافية التي تنشر قيماً شاذة تؤثر على الفكر والقيم والسلوك والعاطفة، وبالتالي ترويج مثل هذه الأفكار المستوردة في محاولة لطمس الهوية الذكورية ومسخ قيم الرجولة ولذلك ينبغي التصدي لهذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة على القيم والسلوك والخيال والعاطفة وذلك بتفعيل دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية، ف"الأسرة" لها دور تربوي وحراك قيمي في حماية وتحصين عقول الأبناء ضد هذه الثقافة المضادة، كما أن "للمؤسسات التعليمية" دوراً توعوياً في تعزيز قيم الرجولة وشيم الفضيلة من خلال حراكها التربوي والبنيوي، بالإضافة "للمؤسسات الدينية" ومنابرها الدعوية والإعلامية لها دور إرشادي مؤثر في توعية المجتمع وتنويره ضد الكثير من القضايا السلوكية والأمنية التي تهدد قيم المجتمع ومعاييره الأصيلة، وبالتالي الحد من انتشار فيروساتها في مجتمعنا السعودي المحافظ.! * باحث اجتماعي